رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شاول وأتن أبيه الضالة: إذ سأل الشعب صموئيل النبي أن يقيم لهم ملكًا أُختير "شاول الذي يعني "سؤال" ملكًا. لقد أعطاهم ملكًا حسب سؤل قلبهم، إنسانًا حسن الصورة طويل القامة، أما قلبه فلم يكن مستقيمًا. وكما يقول القديس أغسطينوس: [قيل إن "شاول" تعني "سؤلًا". من المعروف جيدًا أن الشعب سأل عن ملكٍ لهم، فتسلموه ملكًا لا حسب إرادة الله بل حسب إرادتهم الذاتية]. لم يتجاهل الكتاب المقدس الجوانب الطيبة التي اتسم بها شاول بل على العكس أبرزها، لكن لم يحتمل شاول الغنى والكرامة إذ كشفا انعوجاج قلبه الداخلي واهتمامه بحب الكرامة الزمنية والمظاهر الخارجية لذا انتهت حياته برفض الله له وحرمان نسله من تولي الملك. بدأ هذا الأصحاح بإبراز نسب شاول الذي يقدمه الله للشعب لاختياره ملكًا حسب هوى قلبهم . كشف الكتاب أنه من سبط بنيامين، من نسل الستمائة الذين نجوا من الحرب وأقاموا في الصخرة رمون (قض 20: 47). وهو سبط صغير العدد جدًا بسبب حرب الأسباط الأخرى ضده (قض 20)، لكنه كان سبطًا مقتدرًا له كرامته. أما شاول نفسه فكان شابًا حسن الصورة "ولم يكن رجل في بني إسرائيل أحسن منه، من كتفه فما فوق كان أطول من كل الشعب" [2]. يروي لنا هذا الأصحاح الأحداث التي انتهت بمسح شاول ملكًا، أحداث قد يراها البعض عارضة، أو محض صدفة، تبدو أحداثًا تافهة بلا قيمة، لكن الوحي الإلهي يكشف لنا كيف أن الله ضابط الكل، يُحّوَّل الأحداث جميعها - مهما بدت تافهة - لتحقيق خطة إلهية من جهتنا، وليس شيء ما يتم مصادفة. هنا نجد أتن قيس تضل فيخرج شاول يبحث عنها لا ليجد الأتن وإنما لكي يُدعى للمُلك، خروج الغلام معه، الذي يشير عليه أن يلتقيا بالرائي، أيضًا وجود نصف شاقل فضة لدى الغلام، لقاء شاول والغلام مع الفتيات الخارجات ليستقين، لقاؤهما مع الرائي... هذه جميعها بدت في الظاهر كأنها أمور تمت بلا تدبير مسبق، لكن الواقع أن الله كان وراء كل هذه الأمور يستخدمها لتحقيق خطته. ليتنا نؤمن أن كل ما يمر بحياتنا -مهما بدا تافهًا - يسير بتدبير الله العارف حتى بعدد شعور رؤوسنا (مت 10-30) والمعتني بالعصافير. لقد ضاعت أتن قيس وخرج شاول والغلام يبحثان عنها وكما يقول القديس باسيليوس: [إن الله يستخدم كل فرصة لكي يدعونا للعمل ضاعت الأتن لكي يوجد ملك لإسرائيل ]. "الأتن" من الجانب الرمزي تشير إلى "الجهل"، فإن شاول دُعي للمُلك حين ضاعت الأتن، وهكذا لكي نملك مع السيد المسيح يلزم انتزاع الجهل من نفوسنا والتمتع بنور المعرفة. لتخرج الأتن من بيتنا الداخلي وليحل نور المعرفة في أعماقنا فنملك مع مسيحنا النور الحقيقي. عندئذ نقول مع الملك داود: "بنورك يا رب نعاين النور". يقول القديس أكليمندس الإسكندري: [إن الغنوسي أو صاحب المعرفة الروحية بحق لا يضطرب من شيء ما... لا يخشى الموت، إذ له الضمير الصالح واستعداد لمعاينة القوات (السماوية)]. مع أن الأتن أمر زهيد لكن شاول بذل جهدًا في البحث عليها إذ عبر في جبل أفرايم ثم في أرض شليشه ثم أرض شعليم فأرض بنيامين وأخيرًا أرض صوف... وإذ مرت ثلاثة أيام في البحث عنها دون جدوى خشى شاول أن يقلق أبوه عليه، فقال للغلام: "تعال نرجع لئلا يترك أبي الأتن ويهتم بنا" [5]. هذه جوانب طيبة في شاول: بحثه الجاد عن الأتن، اهتمامه بمشاعر أقرب الناس إليه، ثم تشاوره مع الغير (الغلام)... هذه سمات تجعل الإنسان جديرًا باستلام دور قيادي وإن كان كبرياء قلبه قد أفسد هذا كله فيما بعد. "شليشه" تعني "ثلاثي" ، وهي مقاطعة في جبل أفرايم، جنوب غربي شكيم. "أرض شعليم" تعني "أرض الثعالب" ، مقاطعة في أفرايم. بحسب التقليد اليهودي الغلام المرافق لشاول هو دواغ الأدومي الذي صار فيما بعد مشيرًا له، بسببه قُتل كهنة نوب ونساؤهم وأولادهم حتى ماشيتهم أهلكها (1 صم 22: 7-23). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|