رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يا ليتني مُتُّ عِوَضًا عنك! «يَا ابنِي أَبْشَالُومُ، يَا ابنِي، يَا ابنِي! أَبْشَالُومُ! يَا لَيْتنِي مُتُّ عِوَضًا عَنكَ!» (2صموئل 18: 33) انتهت الثورة عندما مات أبشالوم. لكن داود لم يفرح بأخبار النُصرة التي أُحرزت، فما هي قيمة العرش، بل ما قيمة الحياة عينها، بعد أن مات ابنه أبشالوم! وبعد الانتصار لم يكن مُمكنًا أن يكون هناك لحن أو ترنيمة في قلب داود أو على لسانه؛ لقد ماتَ ابنه، وكان دم أُوريَّا الحثي يصـرخ من الأرض من جديد في أُذنيه، لذلك لم يكن مناسبًا أن يفرح ويُسـرّ. لقد كان النصر بالنسبة له هزيمة، والحياة كانت موتًا. إن طريقه لا يزال هو الطريق الكامل للشخص التائب المُنكـسر القلب والمُنسحق الروح. لقد اخترقت الأخبار المُحزنة قلب الأب المسكين، شاعرًا بأنه شريك أساسي فيما حدث لأبشالوم، فخرجت منه تلك الصـرخة المُفزعة، والتي تُعتبَر أشد الصرخات مدعَـاةً للحزن والأسى في كل الكتاب المقدس: «يَا ابنِي أَبْشَالُوم، يَا ابنِي، يَا ابنِي! أَبشَالُوم! يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ! يَا أَبْشَالُوم ابنِي، يَا ابنِي». هل كانت الصرخة بسبب الشعور بالندَم لأنه قصَّـر أبلغ التقصير في تربية أولاده؟ أم هو الشعور بالذنب القاسي ولذعة الضمير، إذ لم تكن القصة - من أولها إلى آخرها – إلا امتدادًا للأصبع القائل: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ!» ( 2صم 12: 7 ). وها هو يرى القضاء الموَّقع عليه بفم ناثان النبي وقد اكتمل، وتأكَّد صدق الله. فإذا كان هناك من سبب لكل ما جرى، فإنه هو وليس غيره هذا السبب! وهو يصرخ مُتمنيًا لو كان هو – وليس ابنه أو أحد غيره من الناس – هو الضحية المُعاقَب. «يَا ابنِي .. يَا ابنِي، يَا ابنِي! .. يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ! .. ابنِي، يَا ابنِي»؛ إنها صرخة كافية لتملأ قلوب الآباء المسيحيين بالأسى، كما أنها تُعبِّر عن افتراق أبدي كامل. كم كان هذا مختلفًا عن موت طفل بثشبع الصغير! فبدلاً من الحزن هنا، أظهر داود تأكُّده من التقابل معه في القيامة «أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيَّ» ( 2صم 12: 23 )، أما بالنسبة لأبشالوم، فينطبق عليه ما قيل عن يهوذا الإسخريوطي: «كَانَ خَيرًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَو لَمْ يُولَد!» ( مت 26: 24 ). وداود لم يستطع أن يفعل ما قاله: «يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ! يَا أَبْشَالُومُ ابْنِي، يَا ابْنِي»؛ فهذا الأمر كان محفوظًا لشخص واحد فقط يُمكنه أن يموت عن الفاجـر، وهو الوحيد الذي حُسب بين الآثمين، وقد حَمَل خطية كثيرين «لأنَّ المَسِيحَ، إِذ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَـاءَ، مَاتَ فِي الوَقتِ المُعَيَّنِ لأَجلِ الْفُجَّارِ ... اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحنُ بَعدُ خُطَاةٌ مَاتَ المَسِيحُ لأَجْلِنَا» ( رو 5: 6 -8). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|