رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"لا نموت، يا رب للحكم جعلتها، ويا صخر للتأديب أسستها" [12]. يقول النبي: "لا نموت"، فقد أدرك أن الرب إلهه وقدوسه الأزلي في محبته لشعبه يسكب سماته عليهم، إذ هو أزلي فوق حدود الزمان يهب أولاده "الخلود"، لن يموتوا... وإن كانوا في شرّهم يستحقون الموت، لكن في الرب الحيّ يحيون. يقول السيّد الرب: "إنيّ أنا حيّ فأنتم ستحيون" (يو 14: 19). لقد أسلمهم للكلدانيّين للتأديب، لكن كما يقول المرتل: "تأديبًا أدبني الرب وإلى الموت لم يسلمني" (مز 118: 18). الله وهب الكلدانيّين السلطة أن يؤدّبوا الشعب، وأن "يغتنموا غنيمة وينهبوا نهبًا" (إش 10: 6)، لكن ليس سلطة بلا حدود بل بالقدر الذي يرى الله فيه خلاص شعبه، لذا يقول النبي: "يا رب للحكم جعلتها، ويا صخر للتأديب أسستها"، فحدود السلطان هو أن يكون عملهم واغتصابهم للتأديب والحكم وليس للهلاك. لهذا عندما سأل الشيطان الرب أن يسمح له بمضايقة أيوب، أجابه الرب: "ها هو في يديك ولكن احفظ نفسه" (أي 2: 7). يقول الرب للبحر: "إلى هنا تأتي ولا تتعدّى، وهنا تخم كبرياء لججك" (أي 38: 11)، فهو يسمح له يتدفّق ولكن إلى حدود وضعها له. وبالنسبة لنا إن كان الله يسمح للشيطان بمهاجمتنا لكن في حدود، بهجومه نغلب إن كنا يقظين وشاكرين، فتتحوّل الحرب إلى غلبة ونصرة، وإن تراخينا وأهملنا فلا يكون الشيطان غلة أذيّتنا بل نحن السبب، وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [قد يقول قائل: ألم يؤذ آدم إذ أفسد كيانه وأفقده الفردوس؟ لا، وإنّما السبب في هذا هو إهمال من أصابه الضرر، وعدم ضبطه لنفسه وجهاده. فالشيطان الذي استخدم مكائد قويّة مختلفة لم يقدر أن يخضع أيوب، فكيف استطاع بوسيلة أقل أن يُسيطر على آدم؟!]. في الوقت الذي يعلن فيه النبي طمأنينته أن الله إلهه القدوس الأزلي لن يسمح للشعب بالموت، إنّما يستخدم الكلدانيّين للتأديب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|