إذ يرق حبقوق لشعبه الساقط تحت نير الكلدانيّين يُعاتب الله قائلًا:
"ألست أنت منذ الأزل يا رب إلهي قدوسي؟!" [12].
وكأنه يقول: كيف تحتمل يا رب أن ترى الكلدانيّين الأمّة الشرّيرة تنهب شعبك وتظلمهم وأنت صامت، مع أنك القدوس الذي لا يطيق الشر؟! أنت إلهي الملتزم بسلامي وطمأنينتي لا من جهة نفسي فحسب وإنّما من جهة الشعب كله أيضًا. إن كنت إلهي المهتم بيّ أفلا تهتم أنت بشعبك؟!
ما أجمل مشاعر النبي ففي لحظات العتاب المرّة ينادي الرب "إلهي، قدوسي"، وكأنه في ضيقة نفسه يجد الرب ملاصقًا له، يهتم به ويحتضنه منسوبًا إليه، فهو إلهه هو وقدوسه هو!
لنعاتب الرب بكل مرارة، لكن في عتابنا نرى التصاقه بنا ونسبه إلينا، فنلتصق بالأكثر به ونرتمي في أحضانه مؤمنين بعمله معنا وفينا.
حينما ينفتح قلبنا بالحب نحو الآخرين ونشفع فيهم أو نطلب عنهم يصير الرب منسوبًا لنا، إذ يُلاصق المحبّين ويفخر بأولاده المُتسعة قلوبهم!