ما هي آخر خطوات التقدم في أمراض الدماغ؟
في الماضي كان ينظر إلي أمراض الدماغ أو الأمراض العصبية علي أنها أمراض مستعصية، ولكنها الآن في قلب البحوث الطبية.
تؤثر أمراض باركنسون، الصرع ومرض الزهايمر على مئات الآلاف من الناس، ومن الصعب جدا التعايش مع جميع الأمراض الأخرى ذات الصلة بالدماغ في الحياة اليومية للمرضى، وكذلك بالنسبة لأقارب المرضي.
أما اليوم فقد أتاح التقدم الطبي تشخيص أمراض الدماغ في وقت مبكر ومن ثم التصرف بسرعة أكبر.
لمزيد من المعلومات حول الأمراض العصبية وظهور الأعراض الأولى والعلاج، قامت (مجلة الجمال، وموقع الرجل) بإجراء محادثة مع البروفيسور جاك توشون، رئيس خدمات الأعصاب في مستشفى جامعة مونبلييه ورئيس المجلس العلمي لاتحاد أبحاث الدماغ وهذا نص من المقابلة.
الأكسدة ومرض باركنسون أوالشلل الرعاش:-
مرض باركنسون:
- هل مرض باركنسون وراثي؟
البروفسور جاك توشون: في عدد من الحالات، هناك جينات مسئولة عن مرض باركنسون، ونحن نعرف الآن أكثرمن عشر حالات، ولكن في الغالبية العظمى من الحالات، مرض باركنسون له أشكال متفرقة أي ليست هناك وراثة.
- إذا قللنا من ضغط الأكسدة هل يمكن تحسين مرض باركنسون؟
-البروفسور جاك توشون: الأكسدة تلعب دورا ضارا على الخلايا العصبية، وهي تشارك حاليا في العديد من أمراض الدماغ وخصوصا في مرض باركنسون، ومن ثم فإن مكافحة الأكسدة لها تأثير إيجابي في إبطاء تقدم المرض.
- كيف يمكن أن نعرف ما إذا كان هناك تعرض للأكسدة؟
البروفسور جاك توشون: في الحياة المعاصرة، يجعلنا التلوث الذي يصعب السيطرة عليه (التدخين، وسوء التغذية) أكثر حساسية للأكسدة، ومع تقدمنا في العمر تصبح دفاعاتنا المضادة للأكسدة أقل كفاءة، وهذا ربما يلعب دورا كبيرا في تطوير أمراض الدماغ مثل أمراض الأعصاب (الزهايمر).
- هل يجب اتباع نظام غذائي خاص لمرض باركنسون؟
البروفسور جاك توشون: لا يوجد دليل على أن تناول كمية منتظمة من الكبسولات والمواد المضادة للأكسدة يكون له تأثير علاجي على مرض الشلل الرعاش.
والنظام الغذائي المتوازن، وخصوصا الذي يحتوي علي الكثير من الفواكه والخضروات، يوفر كمية كافية من المواد المضادة للأكسدة، وعلي النقيض.. فإن تناول جرعات عالية جدا من بعض المواد المضادة للأكسدة مثل فيتامين (ه)، يمكن أن يكون له تأثير معاكس وهو تأثير سام.
- هل من الممكن تحقيق آثار علاجية على مرض باركنسون من خلال زيادة مستويات الجلوتاثيون بنسبة 300 ٪؟
البروفسور جاك توشون: ليس هناك أدلة تشير إلى أن زيادة الجلوتاثيون قد يكون لها تأثير مفيد.
- ما هي العقاقير الجديدة المكافحة لمرض باركنسون؟
البروفسور جاك توشون: كثير من العقاقير المرشحة قيد الدراسة فيما يتعلق بمرض باركنسون تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف: جلب سلائف الدوبامين، الحد من تدمير الدوبامين والعمل بدلا من الدوبامين .
في الآونة الأخيرة، صدر دواء جديد أصبح متاحا يهدف لمنع تدمير أنزيم الدوبامين (MAO)، وقد أثبتنا أن له تأثير على الأعراض وربما يبطئ من سير المرض.
- وماذا عن العلاج الجيني؟ هل تعتقد أنه سيكون من الممكن الاستفادة منه؟
البروفسور جاك توشون: في الواقع العلاج الجيني يمثل آمالا كبيرة للمرضى الذين يعانون من مرض الشلل الرعاش، وقد أجريت تجارب للمساعدة على تعزيز توليف الدوبامين أو لتوفير عوامل عصبية مع الخلايا العصبية التي من شأنها أن تسمح للمرضى بمقاومة أفضل لعملية المرض، وتطبيق الروتين العلاجي لا يمكن اعتباره إلا في المستقبل البعيد نسبيا.
- ما رأيك في الخلايا الجذعية التي استخدمت من قبل في مرض باركنسون في بعض البلدان مثل ألمانيا أو الصين؟
البروفسور جاك توشون: فيما يتعلق بالخلايا الجذعية، مرض باركنسون يمثل علي الأرجح واحدا من الأهداف المتميزة، والهدف هو حقن (الإسترتيوم مثلا) فى الخلايا التي سوف تنمو لتصبح خلايا عصبية تنتج الدوبامين في الهياكل المتضررة في هذا المرض.
- هل يمكن علاج مرض باركنسون بواسطة التنويم المغناطيسي؟
البروفسور جاك توشون: لا يمكن علاج مرض باركنسون بالتنويم المغناطيسي، علي العكس فإن تقنيات الاسترخاء يمكن أن تساعد مرضى باركنسون عن طريق الحد من القلق إزاء هذا المرض.
- ما هي الأعراض التي تحدد مرض الزهايمر؟
البروفسور جاك توشون: الآن الأطباء يحددون مرض الزهايمر أكثر من القرن الماضي، في البداية ينبغي أن تكون العلامات السريرية منبهة: اضطرابات الذاكرة العرضية (ذاكرة الأحداث في حياتنا، والأحداث الأخيرة لن تتأثر في البداية)، صعوبة لغوية مع صعوبات في العثور على اسم أو كلمة سليمة، عدم وضوح الرؤية في الفضاء، أي صعوبة في التنقل في الفضاء (البحث عن عنوان)، توهان في الزمان والمكان...
وبالإضافة إلى هذه الاضطرابات المعرفية (الإعاقة الذهنية)، هناك أعراض نفسية وسلوكية في البداية: الخمول، اللامبالاة، العزلة، والتهيج، وهناك الاكتئاب في بعض الأحيان (ولكن ليس دائما)، فضلا عن القلق.
عندما تكون هذه الأعراض موجودة، نميل إلى الحصول على ما هو أسوأ، فالمطلوب حينئذ استشارة طبية.
- كيف إذن نؤكد التشخيص؟
البروفسور جاك توشون: يمكن تأكيد التشخيص من قبل اختصاصي (طبيب الأعصاب، أمراض الشيخوخة، أو طبيب نفسي) أو عمل تشخيص الذاكرة.
هؤلاء الأخصائيون الطبيون بالإضافة إلي مشاورات الذاكرة يكونون قادرين على تأكيد التشخيص عن طريق أداء الاختبارات المعرفية، كما يتم عمل اختبارات تصوير الدماغ (التصوير بالرنين المغناطيسي، التصوير المقطعي)، في الحالات الصعبة يكون من الضروري عمل بزل قطني في بعض الأحيان.
بالنسبة لبعض المرضى، يتم تقديم الرعاية في مرحلة متقدمة من المرض حيث تتدهور حالتهم بسرعة.. متى يجب وقف تتبع علاج النطق؟ وإلى أي مدى يكون مفيداً للمريض؟
البروفسور جاك توشون: يمكن لعلاج النطق المنتظم أن يحفز دماغ المريض ويبطئ من تطور المرض، هذه الرعاية تؤثر أيضا على الدعم النفسي والعلاجي، وهو مفيد من البداية حتى مرحلة متقدمة نسبيا.
لكن عندما تكون اللغة مشوهة جدا بشكل يعيق الاتصال، ينبغي إيقاف علاج النطق، وعلي العكس في الأشكال المتقدمة من المرض، يجب أن تتم متابعة اضطرابات البلع من قبل معالج الكلام.
مرض الزهايمر:
- هل من الممكن أن تسبب السكتة الدماغية بداية مرض الزهايمر؟
البروفسور جاك توشون: عوامل خطر الإصابة بالأوعية الدموية (ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول والسكري...) هي عوامل خطر السكتة الدماغية ولكنها أيضا علامات منذرة لمرض الزهايمر، وغالبا ما ترتبط آفات الدماغ الوعائية مع آفات مرض الزهايمر، وحوادث السكتة الدماغية تعرض لمخاطر انهيار التوازن الهش مما يسبب ظهور أعراض مرض الزهايمر.
هل مرض الزهايمر وراثي؟
البروفسور جاك توشون: في أقل من 1 ٪ من الحالات، يكون مرض الزهايمر لديها وراثياً، ويرتبط ذلك بالخلل الوراثي الذي ينتقل عن طريق الوالدين، وهذا ما يسمى بمرض الزهايمر العائلي.
في 99 ٪ من الحالات، يمكن القول ببساطة أن هناك استعدادا وراثياً، حيث كانت هناك حالات كثيرة من مرض الزهايمر لدي الأبناء والأحفاد، مع ملاحظة أن هذا الأمر مماثل لما نلحظه في كثير من الأمراض مثل سرطان الثدي وسرطان القولون والربو والسكري.
مرض الصرع:
هل هناك عقاقير تحفز الصرع مثل التجريتول؟
البروفسور جاك توشون: عندما تكون حالات الصرع نادرة للغاية، يمكن أن نعتبر أن المرض ليس خطيرا، يمكن للطبيب إذن أن يقترح علي المريض وقف العلاج بعد سنتين من دون وقوع أزمة.
- ما هي آخر التطورات في علاج الصرع؟
البروفسور جاك توشون: منذ 15 عاما، توافرت عدة عقاقير جديدة كانت متاحة للمرضى الذين يعانون من الصرع، هذه العقاقير عادة ما تكون أكثر فعالية وأكثر امتصاصا من قبل الجسم.
في حالات الصرع المقاوم للعلاج بالعقاقير، يتم اللجوء في بعض الحالات لجراحات الصرع التي تطورت إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، وهي تقوم علي الإزالة الجراحية لمنطقة الدماغ حيث يوجد منشأ الأزمات (مركز الصرع)، وكذلك يسمح التقدم في استكشاف التصوير الكهربائي للدماغ بتعريف أفضل لمركز الصرع.
هل هناك آثار سلبية تحدث في أعقاب العمليات الجراحية؟
البروفسور جاك توشون: في أعقاب عمليات الجراحة العصبية لإزالة الأورام، كما في أعقاب السكتة الدماغية، من الشائع أن يكون هناك وقت عصيب من التعب وانخفاض الطاقة والكسل والاكتئاب في بعض الأحيان وهذا أمر طبيعي ويمكن التغلب عليه من خلال بعض العقاقير التي يصفها الطبيب المعالج.
-هل هناك أي أدوية تشجع علي الصرع مثل مضادات الاكتئاب أو غيرها؟
البروفسور جاك توشون: بعض الأدوية تشجع علي حدوث نوبات عند مرضى الصرع: مثل بعض مضادات الاكتئاب، بعض العقاقير الخاصة بالأوعية القلبية، العقاقير القشرية، ومضادات مرض السكري التى تؤدي إلي نقص السكر في الدم.
البحوث العصبية والتقدم في علم الأعصاب:-
-هل تحقق تقدم في بحوث أمراض الأعصاب؟
البروفسور جاك توشون: منذ فترة طويلة حدثت تطورات مذهلة في مجال الأعصاب، وهذا يعني تقدم في فهم وظيفة الدماغ الطبيعية أو المرضية، هذا الفهم الأفضل سمح بالفعل باكتشاف العديد من الأدوية والعلاجات.
وسيكون العقد المقبل بالتأكيد خاصاً بأمراض الدماغ حيث لا يزال يُحرز تقدما سوف يتيح علاج اضطرابات الدماغ الكثيرة، العصبية أو النفسية، لذلك من المهم دعم البحوث.
ما هو الغرض من حملة Neurodon؟
البروفسور جاك توشون: بدأت حملة Neurodon التي قام بها اتحاد بحوث المخ: هذا الاتحاد يضم رابطات المرضى الذين يعانون من مرض باركنسون في الدماغ، مرض الزهايمر، الصرع، التصلب الوحشي الضموري، السكتة الدماغية، والتصلب المتعدد، والهدف من اتحاد بحوث المخ هو دعم الأبحاث الأساسية والسريرية لهذه الأمراض.
ويمكن لـ Neurodon جمع حملة تبرعات لتمويل المشاريع البحثية، ويتم تنظيم العديد من المناقصات في كل عام. وهناك الكثير جدا من فرق البحث الفرنسية تستجيب، والمجلس العلمي لاتحاد بحوث المخ سوف يختار أفضل المشاريع التي سيتم تمويلها.
تؤثر أمراض الدماغ على عدد كبير من الناس، ومن مسئوليتنا كمواطنين دعم البحوث للمساعدة في تخفيف وعلاج أمراض المخ الخطيرة في بعض الأحيان.