يصعب علينا جدًا أن نعبِّر عن مشاعر الشاب دانيال ورفقائه الثلاثة. حقًا لقد تمجَّد الله فيهم، وأعطاهم نعمة في عينيْ الملك، فحسبهم أكثر حكمة من كل حكماء الكلدانيِّين. نالوا نعمة في أعين الكثيرين، وصارت لهم كرامات، وبين أيديهم كل الإمكانيَّات، لكنهم كانوا في القصر أشبه بعصافير حُبست في قفصٍ ذهبيٍّ مرصَّع باللآلئ. فإن الحرية بالنسبة لهم كما لشعبهم أفضل من كل ما بين أيديهم.
أراد الله أن يؤكد لدانيال أن ما حلَّ به ليس على سبيل الصدفة، فإن العالم كلُّه في قبضة يده؛ لا يفلت من يده شيء، من إقامة ممالك وإزالتها، حتى أحلام الإنسان بين يدي الله، لهذا سمح الله أن يرى نبوخذنصَّر حلمًا يرعبه، وتعجز كل البشرية عن معرفة الحلم وتفسيره، إنما يعلنه الله لدانيال ويكشف له عن تفسيره الذي يتلخص في عبارة واحدة، وهي "الله ضابط التاريخ والمهتم بخلاص العالم".
هذا وقد أراد الله أن يكشف ما تميَّز به دانيال بروح النبوة، موضحًا أثر نعمة الله العاملة فيه.