هذه الشهادة الأولى عن المسيح المُعلِّم، نالها من مُعلِّم مرموق وقدير كان معاصرًا له، له باع في الناموس وضليع في الشريعة، وهو أيضًا عضو مجمع السنهدريم اليهودي، فنقرأ «كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا...» (يوحنا٣: ١، ٢)، فرغم مكانة نيقوديموس عمريًا كشيخ، ومعنويًا كمُعلم مبجَّل لليهود، إلا أنه لم يستحِ أن يأتي ليشهد بكفاءة مُعلِّم شاب في بداية الثلاثينات من عمره، بل ويُجزم أنه “أتى من الله مُعلِّمًا”.
ومن المعروف، أن أصدق شهادة هي من تأتي ممن يمتهن نفس المهنة وفي ذات المجال؛ فإن ذهبت لطبيب متخصص في أمراض القلب، وأوصى لك بطبيب قلب آخر أكفأ منه، ستذهب إلى الأخير باطمئنان، فليس من السهل أن يشهد واحد بكفاءة آخر في ذات “الكار” كما يقولون، لأنه قد يخاف من أن يكون منافسًا له، أو على الأقل قد يسحب سجادة التميز من تحته.