رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَإِنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَانِهِ، وَيَنْزِلُ، وَيَمْشِي عَلَى شَوَامِخِ الأَرْضِ. [3] اعتاد الله أن يخرج إلى شعبه فيخرج بهم إليه، ينزل إليهم بحبه لكي يرفعهم إلى أحضانه. الآن إذ أصروا على الفساد في عنادٍ خرج لكي يحاكمهم ويؤدبهم. يصٌور النبي الله نازلًا من السماء، ماشيًا على الجبال، لكي يحطم السامرة لإصرارها على عبادة الأوثان وممارستها للرجاسات، وقد تسلل فسادها إلى يهوذا، فقد صارت دينونة يهوذا أيضًا على الأبواب. نزول الرب ومشيه على شوامخ الأرض يُشير إلى أمرين: الأول أن كلمة الله، الخالق والمخلص يخرج كما من مكانه، إذ يقول عن تجسده وتأنُّسه: "لأني خرجت من قِبل الله وأتيت" (يو 8: 42)، والثاني أن الرب يجلس على عرش رحمته، وإذ يؤدِّب بحزمٍ يبدو كمن يخرج من مكانه ليحطم كبرياء الإنسان وتشامخه. وكما جاء في إشعياء النبي: "لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب" (إش 26: 26). إنه أب سماوي يشتاق ألا يُعاقب، أن أدّب إنما يكون كمن خرج من مكانه، أي من الرحمة المملوءة ترفقًا وحنانًا. إثمنا وعصياننا يجعلانه كمن يخرج من مكانه ليعاقب... حتى في خروجه يطلب أن يضمنا إليه ليرجع بنا إلى عرش رحمته. يرى البعض أنه يُشير هنا إلى خروج الرب كما إلى السحاب ليدين الأشرار المتشامخين، ويُمَجَّد مؤمنيه المتواضعين. * لنتأمل الآن عبارة يسوع: "لأني خرجت من قِبَلْ الله وأتيت" (يو 8: 42). يبدو أنه نافع ليّ أن أضع بجانب هذه الكلمات، الكلمات التالية من ميخا: "اسمع يا شعبي كلماتي، ولتصغِ الأرض وملؤها، وليكن الرب شاهدًا في وسطكم، الرب من بيت المقدس. فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه ويطأ شوامخ الأرض، فتهتز الجبال تحته، وتذوب الوديان كالشمع أمام النار، وكالماء المنصب في منحدرٍ" (مي 1: 2-4). الآن تأملوا ما إذا كانت العبارة: "إني خرجت من قِبَل الله" تعادل هذه العبارة، حيث أن الابن في الآب، بكونه في شكل الآب قبل إخلائه لنفسه (في 2: 6-7)، كان الله في مكانه، فإنه يبدو كما في تناقض أنه يخرج من قِبَل الآب وفي نفس الوقت لا يزال في الله. *يُقال إن الله ينزل عندما يتنازل ليعطي اهتمامًا بالضعف البشري. هذا يلزم تمييزه خاصة بالنسبة لربنا ومخلصنا، هذا الذي إذ "لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه وأخذ شكل العبد" (في 2: 6-7)، بهذا نزل. فإنه "ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13) فإن الرب نزل، ليس فقط لكي يهتم بنا بل وأيضًا ليحمل ما هو لنا، إذ "أخذ شكل العبد"، ومع كونه هو نفسه غير منظور بالطبيعة، إذ هو مساوٍ للآب، إلاَّ أنه أخذ شكلًا منظورًا، إذ "وُجد في الهيئة كإنسانٍ" (في 2: 7) . العلامة أوريجينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|