14 - 10 - 2012, 11:53 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
أود تفسيرا لقصة إصعاد شاول لروح النبي صموئيل
وكيف استحضرته العرافة رغم أن الكتاب في العهد القديم ينهي عن فعل ذلك
الإجابة:
قصة الكتاب:
قبل بداية الموضوع نقرأ ما ورد عنه في الكتاب المقدس
(سفر صموئيل الأول 5:28-14):
"ولما رأى شاول جيش الفلسطينيين، خاف واضطرب قلبه جدا. فسأل شاول من الرب فلم يجبه الرب لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء.
فقال شاول لعبيده:
فتشوا لي على امرأة صاحبة جان فاذهب إليها واسألها. فقال له عبيده هوذا امرأة صاحبة جان في عين دور. فتنكّر شاول ولبس ثيابا أخرى وذهب هو ورجلان معه وجاءوا إلى المرأة ليلا، وقال:
اعرفي لي بالجان واصعدي لي من أقول لك. فقالت له المرأة:
هوذا أنت تعلم ما فعل شاول؛ كيف قطع أصحاب الجان والتوابع من الأرض. فلماذا تضع شركا لنفسي لتميتها؟!
فحلف لها شاول بالرب قائلا: حيّ هو الرب أنه لا يلحقك إثم في هذا الأمر.
فقالت المرأة: مَنْ أصْعِد لك؟ فقال: إصعدي لي صموئيل.
فلما رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عظيم، وكلمت المرأة شاول قائلة:
لماذا خدعتني وأنت شاول؟!
فقال لها الملك: لا تخافي. فماذا رأيت. فقالت المرأة لشاول رأيت آلهة يصعدون من الارض.
فقال لها ما هي صورته. فقالت رجل شيخ صاعد وهو مغطي بجبّة. فعلم شاول أنه صموئيل، فخرّ على وجهه إلى الإرض وسجد".
ثلاثة آراء:
اختلفت الآراء في مسألة شاول وعرافة عين دور.
1- رأي قال: إن صموئيل لم يظهر أبداً، وإنما روح من الأرواح قد ظهرت.
2- رأى آخر قال: ان صموئيل ظهر لكن ليس بواسطة العرافة ذاتها في هذه المناسبة، وذلك لكي يُنذِر شاول ويضبطه في ذات الفعل وهو يستعين بالعرافة.
3- راى ثالث ثال: إن العرافه أحضرت روح صموئيل. وهو رأي مرفوض تماماً ولا نقبله.
نحاول تحليل هذا كله.
تحليل الموقف:
أولاً: إن الله حارَب هذه الضلالة في
(سفر التثنية 11:18).
"لا يوجد فيكم مَنْ يجير ابنه أو ابنته في النار، ولا مَنْ يعرف عِرافة. ولا من يرقى رقية، ولا من يسأل جاناً أو تابعة، ولا من يستشير الموتى".
وقد تكلم الله كثيراً ضد الجان في (لاويين 31:19؛ 27،6:20؛ إشعياء 20،19:8).
ونلاحظ أن كلمة الجان لا توجد إلا في الترجمات العربية.
ولعلها تأثر بالفلسفة الإسلامية في الترجمة. ففي ترجمة كينج جيمز King James تترجم بـ: Familiar Spirits، وفي ترجمات أخرى بكلمة Spirits.
وقد سأل قداسة البابا شنوده الثالث بعض أساتذة اللغة العربية فقالوا أن معناها مجرد أرواح تحت الأرض، وما يسمونه جان في الترجمات العربية للكتاب المقدس هم شياطين.
عموماً فهذا أمر فرعي في الموضوع.
في (لا31:19): "لا تلتفتوا إلى الجان، ولا تطلبوا التوابع، فتتنجسوا بهم. أنا الرب إلهكم". وفي (لا27:20): "وإذا كان في رجل أو إمرأة جان أو تابعه، فإنه يُقتَل، بالحجارة يرجمونه، دمه عليه"، وفي (لا7،6:20): "والنفس التي تلتفت إلى الجان وإلى التوابع لتزني وراءهم، اجعل وجهي ضد تلك النفس، وأقطعها من شعبها. فتتقدسون وتكونون قديسين لأني انا ألرب الهكم".
معنى الزنى في الكتاب المقدس له ترجمتان..
Fornication
أي زنى عادي.
Adultery أي زني المتزوجين. وكلمة Adultery تتكون من مقطعين: ad تعني to، وكلمة alter وتعني another، والكلمة كلها معناها: "يعطي ذاته لآخر" أي giving himself to another، فالمرأة التي تتزوج إذا أعطت نفسها لآخر، هذا هو adultery وهذا هو سبب الطلاق في المسيحية.
من الناحية الروحية، يُعتبر زنى روحياً، إذا النفس أعطت ذاتها لعبادة أخرى، أو لإله آخر غير الله الحي، يكون adultery.
لذلك نجد في حزقيال:
زَنَت يهوذا وزنت اسرائيل؛ أي عبدت إلهاً آخر (الأصنام). وفي (لا7،6:20): "النفس التي تلفت إلى الجان وإلى التوابع لتزني وراءهم.." أي تعطي نفسها للشياطين، بدلاً من الله. فيحكم الله عليها بالموت.
السؤال هنا:
هل يكسر الله وصيته، وهل يقيم عثرة للشعب بأن يسمح لصموئيل Samuel أن يظهر في محاولة للجان أن يُظْهِروه؟!!
أي.. هل يمكن أن مشيئة الله تكسر وصيته، ويستخدم صموئيل في تنفيذ عمل (الجان)، بينما قال الله أن الذي يستخدم الجان يُقطَع من شعبه، ويتنجس، ويُقتَل بالحجارة؟!
ثم هل صموئيل النبي قد حضر بأمر من الله، أم حضر من ذاته، أم حضر بواسطة العرافة؟!
أيضاً،
هل للمرأة أو (للجان) سلطان على أرواح الأنبياء؟!
والكتاب يقول: "أرواح الأنبياء تخضع للأنبياء" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 32:14).
وهل ممكن أن صموئيل النبى يحضر من ذاته بدون أمر من الله؟! أو هل يحضر مُجبراً؟!
كما أن صموئيل نفسه منع هذا الأمر.
ثم هل أيضاً يرسل الله نبياً لشاول Saul، وقد منع الله عن شاول الانبياء، وحتى الأحلام والأوريم؟!! وروح الرب قد فارَق شاول وبغته روح رديء من قبل الرب (1 صم14:16)، بل أن ربنا قال لصموئيل من قبل مسح داود ملكاً: "لماذا تنوح على شاول وأنا قد رفضته؟!"، فمنعه حتى من البكاء على شاول.
ثم إن الله أراد أن يُنذِر شاول، ألا يمكن أن ينذره بطريقة أخرى لا تكون عثرة للشعب؟!
لأنه فعلاً هذه القصة لازالت عند البعض عثرة. ممكن للرب أن ينذر شاول الملك بصوت عال عن طريق واحد يذهب له ويقول له ما يريده الرب بدون أن يستخدم هذه الوسيلة بالذات في بيت عرافة!!
ثم أيضاً هذا الإنذار كان قد وصله من قبل في
(1صم23:15-29):
"لأنك رفضت كلام الرب فرفضك من المُلك. فقال شاول لصموئيل: لا أرجع معك لانك رفضت كلام الرب فرفضك الرب من أن تكون ملكاً على اسرائيل. ودار صموئيل ليمضي فأمسك شاول بذيل جبته فتمزق، فقال له صموئيل: يمزق الرب ممكلة أسرائيل عنك اليوم، ويعطيها لصاحبك الذي هو خيرٌ منك".
ثم أيضاً ما فائدة التوبيخ والإنذار بالنسبة لشاول وهو شخص لا يسمع كلام الله؟!
ويبدو في رفض الله له، أنه أسلمه إلى ذهن مرفوض، أي مرفوض من النعمة. وعاقبة على ذلك. فنرى في أيامه الأولى هذا الكلام واضحاً في (1أي14،13:1):
"فمات شاول بخيانته التي بها خان الرب، من أجل كلام الرب الذي لم يحفظه. وأيضاً لأجل طلبه إلى (الجان) للسؤال، ولم يسأل من الرب. فأماته وحوَّل المملكة إلى داود بن يسّى".
فالكلام الذي نُسِبَ إلى صموئيل أنه قال لشاول ليس نبوءة لأنه قيل لك قبل ذلك، في (1صم28:15): "يمزق الرب مملكة إسرائيل عند اليوم، ويعطيها لصاحبك الذي هو خير منك".
الأمر المحير
هو الكلام الذي قيل، وكيف يكون هذا الكلام كلام صموئيل.. يقول (1صم19:28):
"ويدفع الرب آسرائيل أيضاً معك ليد الفلسطينيين".
"وغداً أنت وبنوك تكونون معي".
كيف يكون روح الملك شاول مع روح النبي صموئيل؟!
هذا أمر مستحيل:
أن شاول الملك الذي رفضه الرب وبغته روح ردىء من قِبَل الرب (1صم14:16)، ليس ممكناً أن يكون مع صموئيل النبى العظيم!! من المعقول أن يُقال إن شاول وابنه سيموتان، ولكن ليس معقولاً أن يقول صموئيل لشاول: "وغدا انت وبنوك تكونون معى" (1صم19:28)! بل حتى روح شاول لا يمكن أن تكون مع روح ابنه يوناثان.
دليلنا في ذلك قول أبينا إبراهيم لغني لعازر:
"وفوق هذا كله، بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت. حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم، لا يقدرون. ولا الذين من هناك يجتازون إلينا" (لو26:16).
أيضاً لم يستخدم الله هذه الطريقة من قبل. أي أنه يرسل رسالة أو إنذارا لأحد من الناس عن طريق (الجان)، أو تحضير الأرواح، أو إستشارة الموتى، الأمر الذي سبق فمنعه من قبل.
كذلك فإن عبارة "لكي يضبطه متلبساً" عبارة غير مقبولة.
فهل يحتاج الله إلى ذلك؟!
الله الكلي المعرفة، الذي يعرف كل شيء.. يعرف كيف أن شاول طلب هذه العرافة، وسألها أن تحضر له روح صموئيل ألنبي، ووعدها ألا يصيبها ضرر من ذلك. والله أصغى وسمع، وكتب أمامه في سفر التذكرة (ملا16:3).
أكان شاول يستطيع أن ينكر، إن حاسبه الرب على ذلك؟!
لقد أنكر قايين، فهل منعه إنكاره؟!
فما معنى أن يضبطه متلبسا؟!
يقول البعض أن ظهور ألنبى صموئيل كان استثناء!
فماذا إذن كان هذا الاستثناء؟ وما الداعي إليه؟!
وهل يحدث هذا الاستثناء في أمر خطير وصفه الرب بأنه رجاسة ونجاسة، وأنه أمر مكروه عند الرب، وبسببه طرد الأمم؟! (تث9:18-12).
ثم
ما معنى أن يقول صموئيل لشاول:
"لماذا أقلقتني، بإصعادك إياي؟" (1صم15:28)؟!
هل يستطيع شاول المرفوض من الله، أن يُقلِق صموئيل النبي العظيم؟! وهل يستطيع إصعاده من حيث هو؟!
ولو كان صموئيل النبي مرسلاً من الله لضبط شاول في استخدامه العرافة و(الجان)، فهل يُعقَل -وهو مُرسَل من الله- أن يقول لشاول: "لماذا اقلقتنى؟" وأن يقول له: "اصعادك اياي"؟!!
عبارة "أصعادك أياي" تعني أن شاول هو الذي أصعده، وليس أن الله هو الذي أرسله!! إلا لو كانت مشيئة الله منطبقة على مشيئة شاول، وحاشا أن يكون ذلك.
عبارة "أقلقتنى" تدل على أنه جاء على الرغم منه مكرهاً!
بل تدل أيضاً على أن كان متذمراً على ذلك الوضع، وطبعاً لا يمكن أن يتذمر إن كان الله قد أرسله إلى شاول. كما أنه لو كان جاء من تلقاء نفسه ما كان يقول: لماذا اقلقتنى..
نبحث موضوعاً أهم وهو:
هل الذي ظهر هو صموئيل النبي؟
وهنا نضع أمامنا بعض ملاحظات هامة، وهي:
1- المرأه العرافة لم تقل إنه صموئيل.
لم تذكر هذا الاسم، وصموئيل النبى كان شخصية معروفة جداً ومشهورة وقتذاك.. بل قالت المراة:
"رجل شيخ صاعد وهو مغطى بجبة". وهذا الوصف ينطبق على مئات الناس.
2- لو كانت المرأة تحضر روح صموئيل، ثم
رأت صموئيل، لكانت تفرح بنجاح مهمتها، لكنها "صرخت بصوت عظيم" (1صم12:28)، حتى أن شاول قال لها: "لا تخافي، ماذا رأيتِ"؟
3- قالت المراه: "رأيت آلهة يصعدون من الأرض" (1صم13:28).
وعبارة "ألهة" تعني أنها رأت كثيرين. وقد قيلت عبارة "آلهه" عن ألهة الأمم، "لأن كل آلهة الأمم شياطين" (مز5:96). وقيل عن الشيطان أنه "إله هذا الدهر" (2كو4:4). واستخدم الكتاب تعبير آلهة أيضاً في (مز6،1:82).
لم يقل الكتاب أن شاول قد رأى صموئيل.
بل قيل إنه عندما قالت المرأة:
"أرى آلهة يصعدون من الارض"، سأل شأول الملك: "ما هي صورته"؟ فلما وصفته وقع على وجهه إلى الأرض وسجد. لأن صموئيل بالنسبة إلى شاول هو شخص مهاب. شاول استنتج من وصف العرافه أنه صموئيل، وسجد إلى الأرض دون أن يراه، ولكنه سمع ولم يرَ.
لا الصاعد من الأرض قال إنه صموئيل. ولا العرافة قالت إنه صموئيل. إنما شاول إستنتج أنه صموئيل دون أن يراه.
حتى إن كان الذي ظهر له شكل صموئيل، نقول:
"إن الشيطان يمكن أن يغير شكله إلى شبه ملاك نور" (2كو14:11)، وليس فقط إلى شكل صموئيل.
أما عبارة "قال صموئيل" وأمثالها، فربما لا تدل على أنه صموئيل النبي، وإنما ما ظنوه أنه صموئيل..
والكتاب المقدس يستخدم هذه الأساليب، بأن يسمي الناس حسب معتقداتهم. ومن أمثلة ذلك:
* فقد قال الرب:
"إن قام في وسطك نبي أو حالم حلماً، وأعطاك آية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلاً: لنذهب وراء آلهة أخرى لا تعرفها., فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم. لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم؟" (تث3-1:13).
هنا سماه الرب نبياً، مع أنه ليس نبيا بل يدعو لإتباع آلهة أخرى. ولكنه استخدم التعبير المألوف.
* في حديث إيليا النبي متحدياً أنبياء البعل أن يصلوا لإلههم، قال لهم: "ادعوا بصوتٍ عالٍ، لأنه إله لعله مستغرق في خلوة أو في سفرة، أو لعله نائم فيستيقظ!" (1مل27:18).
فاستخدم ايليا النبى تعبير (إله) مع أنه يتحدث في تهكم عن صنم للأمم.
كيف يُقال عن صموئيل النبي العظيم، إنه أتى صاعداً من الأرض؟! إنه تعبير لا يليق بكرامة الأنبياء..!
فلو كان الله يريد أن يظهر صموئيل ليبكت شاول، أو ليحمل له إنذارا، ما كان أسهل أن يجعله يظهر بأسلوب أكثر وقاراً، وليس صاعداً من الأرض، الأمر المُحاط بالريبة والشك!
وهل من المعقول أن يرسل الله رسالة إلى شاول المرفوض؟!
حيث لم تكن هناك صلة ولا شركة بين الله وشاول. بل كانت هناك خصومة. وقد رفضه الله، ونزع روحه منه، وبغته روح ردئ من قبل الرب (1صم14:16). ورفض الله أن يجيبه: لا بالاحلام ولا بالاوريم ولا بالانبياء (1صم6:28). وكان شاول يعرف ذلك جيداً، وقد قاله (1صم18:28).
فما معنى أن يعود الله ليكلمه؟! وعن طريق العرافة و(الجان)؟!!
وما كان شاول يستجيب لشيء من كلام الله إليه. فالكلام معه لا يفيد. هذا الذي "أسلمه إلى ذهن مرفوض" (رو28:1).
إنه مجرد رأي خاص.. قد يرجحه كثيرون:
أن الذي ظهر لشاول لم يكن هو صموئيل النبي.. مجرد رأي..
ومع ذلك، حتى لو كان الذي ظهر هو صموئيل، فلا يكون ذلك عن طريق العرافة. وإنما من خلال تلك المناسبة. لأن تلك المرأة نفسها لم تقل أنها أصعدت روح صموئيل النبي.
حتى لو كان ذلك قد حدث، فإن العهد القديم غير العهد الجديد.
ففي تلك الأيام -وقبل الفداء، وقبل تقييد الشيطان- كان يوصف الشيطان بأنه رئيس هذا العالم (يو30:14).
أما في العهد الجديد، فليس الأمر هكذا. هذا الذي أعطينا فيه سلطاناً على كل قوة العدو (19:10). وسلطاناً لإخراج الشياطين (مت8،1:10).
فلا تؤخذ حادثة في العهد القديم -اى ان كان تفسيرها- لكي تُطبَّق في العهد الجديد، لتعطي مثالا عن تحضير أرواح الأنبياء!!
والذي يؤمن بتحضير روح نبي -وبالعرافة و(الجن)- يؤمن بعد ذلك بتحضير أي روح!! وسيؤمن بالعرافة و(الجن) وسلطان البشر!! حاشا.
وتبقى قصة (روح صموئيل، وعرافة عين دور) مشكلة تعددت فيها آراء المفسرين، وحيرت الكثيرين...
- كتاب الأرواح بين الدين و علماء الروح - قداسة البابا شنودة الثالث
- قاموس الكتاب المقدس -
سفر صموئيل الأول | سفر صموئيل الثاني
|