رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَمَّا فُجَّارُ الْقَلْبِ، فَيَذْخَرُونَ غَضَبًا. لاَ يَسْتَغِيثُونَ إِذَا هُوَ قَيَّدَهُمْ [13]. يدعو أليهو المتذمرين على الله بالفجار في قلوبهم، أي الأشرار؛ هؤلاء عوض رفع غضب الله عنهم بالتوبة يجمعون بالأكثر غضبه. ومع أن الله في محبته يسمح بأن يقيدهم بالضيقات حتى يصرخوا إليه بروح التواضع، إلاَّ أنهم في عنادهم لا يلجأون إليه ولا يتواضعون قدامه. بالضيقات يدعوهم الله ليقبلوا صداقته، ويتعرفوا على أسراره، ويدخلوا معه في حوار لائق، لكن من يتشامخ يدخل في عداوة مع الله، ويحكم على نفسه بالهلاك. يقصد بالفجار هنا فئة من الأشرار يمارسون الشر في تحدٍ مع الله وعنادٍ ظاهرٍ، فيجمعون لهم غضب الله (رو 2: 5). يرى البعض مثل Umbreit أن المقصود هنا ليس غضب الله، إنما يجمع الفجار الغضب ضد الله، فعوض الصراخ إليه يثورون ضده علانية. إذ يتحدث هنا عن المرائين فإنهم بريائهم ليس فقط يستحقون السقوط تحت غضب الله الذي يمقت الشر، وإنما بمحاولة الاختفاء تحت ستار البرّ الذاتي، وخداعهم للبشر بأنهم أبرار، يثيرون سخط الله، إذ هم يمارسون الشر عن معرفة، ويضيفون إلى الشر الخداع، وهي سمة عدو الخير المخادع. مثل هؤلاء المرائين يسقطون تحت تأديبات لعلهم يرجعون عن شرورهم، لكن غالبًا ما لا يبالون بالتأديبات مهما بلغت شدتها، كما لا يبالون بالعقوبة الأبدية، فلا يصرخون إلى الله كي يرجعوا إليه ويتركوا رياءهم. إنما كل ما يشغلهم هو تثبيت نظرة الناس نحوهم أنهم أبرار. يمكننا أن نقسم البشر إلى ثلاث فئات: 1. فئة الأشرار الذين يصرون على الشر، ولا يخجلون من شرورهم، مهما حلت بهم التأديبات. 2. فئة المرائين الذين كل ما يشغلهم نظرة الناس إليهم، فيخفون شرورهم ولا يعترفون بها حتى وهم تحت التأديب. 3. فئة المؤمنين الحقيقيين الذين يعترفون بأنهم خطاة، ويؤمنون بالله غافر الخطية، هؤلاء يدفعهم التأديب إلى النمو الروحي عربون المجد الأبدي. * "أما المراءون والمخادعون فيثيرون غضب الله" [13] من كان مرائيًا يرتبك بملاحظة نقطتين على الدوام: أن يتعلم بحيث أن يخفى الحقيقة التي هو عليها، وأن يستعرض ما هو ليس عليه، يطمس أخطاءه الحقيقية ويظهر صلاحًا غير حقيقي... عندما يشير إلى المرائين والمخادعين يضيف بلياقة شديدة لا أنهم مستحقون غضب الله وإنما يثيرونه لأن من يخطئ بجهالة يستحق غضب الله، أما من يقاوم وصاياه عمدًا وهو يعرف ما هو صالح ويستهين به مع قدرته أن يفعل الصلاح ولا يريد ذلك فهو يثير سخط الله... "لا يصرخون عندما يقيدون" [13]. كل إنسانٍ شريرٍ لا يطلب أن يظهر مقدسًا عندما يحل به التأديب القاسي لا يخجل من أن يعترف بأنه شرير. أما الشرير الذي تستوقفه أحكام الإنسان بإظهار قداسة حتى عندما يُضرب بالعصا، يمتنع عن إظهار شره لأنه اعتاد أن يظهر قديسًا... لكننا نحن نكون "مقيدين" عندما تحضرنا ضربات العصا. إننا نستغيث بصوتٍ عالٍ عندما نُقيد، كلما اعترفنا بخطايانا، عندما نكون تحت الضربات. عندما تسقط ضربات التأديب على المرائين لا تحضرهم إلى اعتراف أمين. إنهم يخشون من أن يُفضحوا كخطاةٍ، إذا نظر الناس. حينما يُضربون الآن إلى النهاية ومع إدراكهم أنهم منقادون إلى عقوبة أبدية لكنهم لا يزالون يريدون أن يبقوا في نظر الناس كما هم، إذ تعلموا أن يستعرضوا أنفسهم. البابا غريغوريوس (الكبير) * الكل يرى اللص "الرياء" يحمل كل شيء أمام عينيّه ويبتهج بذلك! يا لها من لصوصيّة جديدة من نوعها، تجتذب الناس وتبهجهم بينما هم يُسلبون!* قد يوجد من يقدّم صدقته قدام الناس لكنّه يتحاشى التظاهر بها، ويوجد أيضًا من لا يقدّمها قدام الناس لكنّه يتباهى بها سرًا. فالله لا يجازي عن الصداقة بحسب صنعها إن كانت أمام الناس أم لا، بل بحسب نيّة فاعلها القديس يوحنا الذهبي الفم * لقد اعتادوا أن يسيروا مرتدين ثيابًا مكرمة لكي ينالوا تكريمًا عظيمًا بسببها، ويتبعون نفس الأمر في أشياء كثيرة تقودهم للمجد الزمني. الأب ثيؤفلاكتيوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|