رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نشيد للحكمة القديرة يُغَطِّي كَفَّيْهِ بِالنُّورِ، وَيَأْمُرُهُ عَلَى الْعَدُوِّ [32]. يستخدم الله الأنوار (والبرق) بيديه، بالبرق يؤدب الأشرار، وبالأنوار يشرق على الأبرار. جاءت الترجمة السبعينية: "يغطي النور في يديه" كأن البرق الذي لا سلطان لنا عليه يمسك به الله ويوجهه كما يشاء. البرق الذي يظهر سريع الحركة جدًا لا يتحرك إلاَّ بتوجيه من الله، هو أداة طبيعية في يده. إن كان الله يسمح بأن يحجب نوره عن المتشامخين، فإن نعمته تعمل فيهم بالسماح لهم بالتجارب حتى يرجعوا إليه بقلوبهم فيستنيرون بنوره. * "يعطي النور عن الأعزاء (القادرين)" [32] الأقوياء في الواقع هم الذين يفتخرون بأفكارٍ متشامخة. قيل بإشعياء ضد هؤلاء: "ويل للحكماء في أعين أنفسهم، والفهماء عند ذويهم" (إش 5: 21). ويقول ضدهم بولس: "لا تكونوا حكماء عند أنفسكم" (رو 12: 16). يُخفى النور عن هؤلاء القادرين، لأنه بدون شك يحجز معرفة الحق عن المتشامخين... يوجد كثيرون في الكنيسة يستخفون بأن يكونوا صغارًا، ولا يكفون عن أن يكونوا عظماء في أعين أنفسهم عوض التواضع. * هنا أيضًا بعد أن قيل عن النور أن ينسحب منهم أضاف: "ويأمروه أن يعود ثانية". البابا غريغوريوس (الكبير) يُخْبِرُ بِهِ رَعْدُهُ الْمَوَاشِيَ أَيْضًا بِصُعُودِهِ [33]. الرعد الملازم للبرق يشهد لسلطان الله وعظمته. حتى في صوت الرعود الله يهتم بالغنم، فعظمته لا تظهر فقط في أعماله العظيمة الضخمة، وإنما في حنوه حتى على الغنم وكل الخليقة. يرى البعض أنه يتحدث هنا صوت مياه الأمطار الغزيرة، فإن الغنم غير العاقل يدرك بالغريزة هطول الأمطار وهي تقترب، فتهرب لتجد لها ملجأ، بينما يرى الإنسان الشر قادمًا نحوه ولا يهرب منه. * "يعلن لأصدقائه، أنها ملكه، وأنه يصعد إليها" [33]. صديق الحق هو المحب للسلوك المستقيم. يقول الحق نفسه لتلاميذه: "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به" (يو 15: 14). فإن الصديق يدعى "حافظًا للنفس"، وهكذا يسعى لمراعاة إرادة الله في وصاياه، فيستحق أن يُدعى صديقه. لذلك يقول الحق نفسه لذات تلاميذه: "قد سميتكم أحباء، لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" يو 15: 15)... حسنًا أضيف الوعد: "إنه يصعد إليها" أي شيء أصعب من أن إنسانًا وُلد على الأرض، ويحمل أعضاء أرضية هشة، أن يصعد إلى أعالي السماء، وأن يخترق أسرار الروح العليا؟ لكن خالق هذه الأرواح نفسها جاء إلينا، وأعلن نفسه إنسانًا، بل وصار أقل منا... هذا الذي صار أقل من الملائكة من أجلنا، يجعلنا مساوين للملائكة بتواضعه. علمنا أيضًا بموته ألا نخاف الموت، وبقيامته أن نثق في الحياة، وصعوده أن نعتز بميراث المدينة السماوية... إذ صرنا واحدًا معه، عاد وحده، فينا، إلى ذات الموضع الذي جاء منه وحده فيه. هذا الذي هو دومًا في السماء يصعد يوميًا إلى السماء، لأن هذا الذي يبقى في لاهوته فوق كل الأشياء يسحب نفسه إلى فوق يوميًا في جسد تأنسه. ليت الضعف البشري لا ييأس بل يتمتع بدم الابن الوحيد إذ التكلفة كثيرة هكذا... ليصنع البشرية في اعتنائها بشغفٍ أين ذهب رأسها قبلها، وليتقوى في الرجاء بقدوته أولئك الذين يرتبطون بوصيته للحياة الصالحة لتشعر البشرية بالتأكد من السماء! لتترجى المدينة السماوية. لتعرف أنها الملائكة، ولتفرح بأنها إذ ترتبط برأسها صارت تُفضله حتى عن الملائكة! البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|