رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنْ كَثْرَةِ الْمَظَالِمِ يَصْرُخُونَ. يَسْتَغِيثُونَ مِنْ ذِرَاعِ الأَعِزَّاءِ [9]. إن كان الشر لا يؤذي الله في شيء، إلاَّ أنه يؤذي بني البشر، إذ يصرخ المظلومون وسط الجموع وذلك من عنف المقتدرين، أصحاب السلطة (الأعزاء). يضغط الأغنياء الأشرار بأيديهم العنيفة على المساكين البائسين، يصرخون عاليًا من مضطهدين وليس من يُهدئ من نفوسهم، لأنهم لا يلجأون إلى الله. يصعب الربط بين هذه العبارة والحديث السابق. لكن يبدو أن أليهو يستعرض قضية عامة في المجتمع، أشار إليها أيوب نفسه (أي 24: 12)، حيث يرى أن الله لا يتدخل سريعًا لينقذ المساكين من أيدي الأشرار القساة. كثيرون يسحقهم الطغاة، والله لا يتدخل. لقد حسب أيوب أن هذه القضية العامة تمسه شخصيًا حيث كاد أصدقاؤه أن يسحقوه تحت أقدامهم. وحسب أليهو هذا الفكر إهانة موجهة ضد الله القدير ورعايته وحبه. وجد نفسه ملزمًا أن يقدم شرحًا لهذه الظاهرة. يجيب أليهو على التساؤل: لماذا لا يستجيب الله لصرخات الأبرار المتألمين، ليعينهم ضد الظالمين؟ يعلن أليهو أن عدم استجابة الله للصلاة سرّها أن الذي يصلي لا يبالي بالتمتع بالله، كل ما يشغله هو الانتفاع من الله. إنها ليست صلاة حقيقية غايتها التمتع بنور الحضرة الإلهية، إنما هي صرخة طبيعية تصدر عن الألم، كما يصرخ الطائر والحيوان [10-11]. صلواتنا للخلاص من الأشرار صلوات فارغة [12-13]. حينما يصرخ الإنسان في ضيقته يظن كأن الله لا يسمع، لكنه يسمع، وقد لا يستجيب بسبب كبرياء الصارخ، أو كذبه. * بحق يمكننا أن ندعو الأشرار "ظالمين"، ليس فقط الذين يفسدون خيراتنا الخارجية، بل والذين يسعون بعاداتهم الشريرة ومثال حياتهم الفاسدة أن يبددوا كنوزنا الداخلية. فإنهم لا يهاجمون الأمور المحيطة بنا، لكنهم يطلبون أن يفترسونا من الداخل. من يهاجم فضائلنا بسلوكه الشرير هو ظالم خطير أكثر من الذي يسيء إلى خيراتنا بالظلم العنيف ضدنا. فإنه وإن كان لا يأخذ شيئًا من موأردنا، لكنه يصنع أمامنا أمثلة للدمار. إنه يمارس ظلمًا أثقل حيث يثير قلوبنا الهادئة بالتجربة. حتى وإن كان لا يُلزمنا بمحاربة سلوكه الشرير، إلا أنه يضغط علينا بإثارة التجربة، فنعاني من ظلمٍ شديدٍ من حياته، حيث نعاني في الداخل بأمورٍ نتغلب عليها بصعوبة. ولما كانت حياة الشرير المرتبطة بالعالم تؤذينا، حسنًا قيل: "بكثرة الظالمين يصرخون" [9]... "يولولون من قدرة ذراع الطغاة" [9]... فإن من يرغب في أن يرهبنا لكي يدفعنا إلى الخطية، يهيج علينا بذراع طاغية. الحث على الرذيلة خلال سلوك (إنسانٍ شريرٍ) شيء، والإلزام بها بالرعب شيء آخر. البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|