رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحياة الخفيّة “ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا.وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.“(لوقا51:2-52). يعامنا القديس بولس الرسول قائلا:” لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ.” (كولوسي3:3)، والانجيل يعطينا القليل من الشواهد عن حياة العائلة المقدسة في الناصرة قبل بدء رسالة يسوع العلنية. تلك الحياة اثرت مخيلة العديد من الفنانين والكتّاب والتى وجدت في كتابات في بدء الكنيسة الولى والتى تعرف بالكتابات الغير قانونية apocryphal literature. قال البابا بولس السادس (1964-1978) في يناير من عام 1964 اثناء زيارته التاريخية لللأراضي المقدسة عن ان أهمية الناصرة من انها تعتبر مدرسة نموذجية للنمو في الحياة المسيحية. انه من خلال القديسة مريم العذراء خاصة يمكننا ان نحصل على قسط من النِعم التى تستحق من السيد المسيح لأجلنا بحياته الخفيّة في الناصرة فتلك السنوات هي منبع لأم الله للعديد من النِعم التى لا تقدر بثمن، وبالنسبة لنا فهي تدعو للدهشة والانبهار اذا ما فكّرنا كيف كانت تلك السنوات الثلاثين قبل ان يبدأ يسوع حياته العلنية وما هو تأثيرها على القديسة مريم في كل كلمة او كل حركة او كل فعل ليسوع بالنسبة لها. بلا شك فهناك العديد من الاحداث الغير مفهومة حتى على القديسة مريم ولا يمكن لأي شخص ان يحيا في اتصال مستمر كما فعلت هي مع الأزلي بدون ان يمر بها شعور مملوء بالدهشة والأسرار. ولكن مع وفرة النور الذي اضاء حياة مريم ومداومة النمو في الحب الذي لا يمكن وصفه في اتحادها مع الله وهو يعمل تحت نظرها وما الذي كان يدور في نفسها مما كان له تأثير عميق لمس قلبها الطاهر. لقد عاشت مريم في اتحاد كامل بقلبها وفكرها وروحها مع قلب وفكر ابنها فكانت حياتها في تناغم عجيب ونقي وطاهر مملوء بحب عجيب مع ابنها يسوع. ترى ما هو مصدر ذلك الاتحاد وذاك الحب الموجود في قلب مريم؟ انه في الحقيقة ايمانها فإن ايمان مريم هو اهم فضائلها. كم كانت ثقتها عجيبة وايمانها في كلمات الملاك؟ فرسول السماء اعلن لها سرا لم يسمع به من قبل مما يجلب الدهشة وفي طبيعته يطيح بكل تصور بشري: تجسد الله في احشائها. وقالت مريم وهي في ايمان:” ليكن لي كقولك”(لوقا38:1). انه بسبب تسليمها الكامل واعطائها موافقتها بكامل ارادتها للكلمة ان تتجسد اصبحت مريم ام الكلمة المتجسدة. نقرأ فى رسالة القديس بولس للعبرانيين تعريفاً عن الإيـمان:”الإيـمان هو الثقة بمـا يرجى والإيقان بأمور لا تُرى” (عبرانيين 1:11). وأيضاً كما يقول الرسول:”وبغيـر إيـمان لا يستطيع أحد أن يُرضي الله لأن الذى يدنو إلى الله عليه أن يؤمن بأنـه كائن وأنـه يُـثيب الذين يـبتغونـه” (عبرانيين6:11). الإيـمان هو تبعيـة كليـّة للـه ويتطلب فى الأساس معرفـة الله وهذه الـمعرفـة يلزمها قبول هبـة اللـه لكى تساعد الإنسان على قبول الحقائق الإلهيـة “نحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذى من الله لنعرف الأشياء الـموهوبـة لنـا من اللـه”(1كورنثوس12:2)، وكما يقول الرسول:”فإن كان أحد يظن انـه يعرف شيئاً فإنـه لـم يعرف شيئاً بعد كـما يجب أن يعرف ولكن ان كان احد يحب اللـه فاللـه معروف عنده”(1كورنثوس2:8-3)، إيـمـان مــريـم والذى لـم تطلب علامة عن صِدق قول الملاك جبرائيل عندما أخبرها بالميلاد العجيب بل أتت لهـا العلامـة من أن العاقر ستلد. عاشت مريم مع يسوع الطفل وكأي طفل عادي أرضعته وكان محتاجاً لها لتغذيته، فلو كان يسوع يعلن لها عن طبيعته الإلهية بإستمرار لـمـا كان لـمـريم فى إحتياج لحياة الإيـمـان ومـا كانت تتعجب من إجابة إبنها وهو فى الثانية عشر ” لماذا كنتمـا تطلبانني الم تعلما انه ينبغي أن أكون فيمـا لأبي” (لوقا 49:2) أو عند عرس قانا الجليل ” مـالي ولكِ ياإمراءة لم تأت ساعتي بعد” (يوحنا 2:4). أحداث البشارة والـميلاد والرعاة والـمجوس وفى الهيكل والهروب الى مصر ثم الحياة فى الناصرة ثم على الصليب لم تنكره بل وقفت بجانبه بشجاعة وثبات ثم اخيرا نجدها مع التلاميذ فى العُليـّة بعد الصعود مباشرة مواظبة على الصلاة والطلبة بنفس واحدة مع التلاميذ.كل تلك الأحداث التى تعكس إيـمان مريم برسالة إبنها وأثبتت أنها حفظت الكلمة وأطاعت الوصية وأكـمـلت مشيئة الله بدقة ومواظبة حتى النهاية . آمنت مريم برسالة السماء ولـم تقل انها مازالت صغيرة حتى تتبع الله كـما فعل أرميا فى القديم ذات يوم ” فقلت آه أيها السيد الرب هـآنذا لا أعرف أن أتكلـم لأنـي صبي” (أرميا 6:1). وعن إيمان مريم يقول القديس أُغسطينوس (مريم صارت مطّوبة بسبب تقبلها الإيـمـان بالمسيح أكثر من تقبلها الحمـل به وتقربها للمسيح بالجسد كأم كان بلا ربح لو لم تحمل المسيح فى قلبها). “من يصنع مشيئة أبي الذى فى السموات هو ..أخي وأختي وأمي” (متى 50:12). عندما أخبر الملاك جبرائيل العذراء مريم قائلا “لا تخافي يا مريم فإنك قد نلت نعمة عند الله وها انت تحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع” وشرح لها كيف يكون هذا الحبل الإلهي ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللّك” فالـمنطق البشري يقول كيف يحدث هذا؟ وهذا ما أعلنته مريم “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً”.. فمريم قد تقول فى نفسها (انا ناذرة البتولية..أنا كنت أخطط حاجة أخرى لحياتي..أنا كنت أريد ..وانا كنت أخطط….) انها كلهـا تخطيطات بشرية. ولكن عندما عرفت مريم ان هذه هي مشيئة الرب، وتذكرت إيـمـان ابراهيم وكيف ترك أرضه وعشيرته وعندما قدّم ابنه ذبيحة حسب إختبار الله لـه. وتذكرت ايضا إيـمـان موسى وقبوله قيادة شعب الله من أرض العبودية الى أرض الـمـوعد. وتذكرت معنى حلول الروح القدس ومجد الرب يحل فى مكان ما،فتذكّرت خيمة الإجتماع “غطت السحابة خيمة الإجتماع وملأ بهاء الرب الـمسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الإجتماع” (خروج35:40)، وأن قوة العلي ستظللهـا (لوقا35:1). إذن “انه ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله” (يوحنا23:2)، انه أمر سماوي، وإرادة سماوية. فى قبولهـا بالحبل الإلهي، فى خدمتها لأليصابات، فى خدمتها ليسوع،فى خدمتها ليوسف،وفى خدمة بيتها، فى إحتمال الآلام والضيق والهروب الى أرض مصر وسماعها بقتل أطفال بيت لحم، وفى غربتها وحياتها فى الناصرة التى لا يخرج منها شيئ صالح فعاشت حياة منطوية بلا تذمر. صلاة: يا الله لقد منحت القديسة مريم تلك النعمة التي بها استجابت لدعوتك وسلّمت نفسها “آمة” لك، فساعديني يارب ان أسلّم لك ذاتي بكليتها لتفعل بها ما تشاء. آمين. اكرام: مارس الرحمة والمسامحة مع من اساء اليك حبا” بمريم نافذة: انت الشفيع الاكرم عند ابنك يا مريم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|