رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَبٌ أَنَا لِلْفُقَرَاءِ، وَدَعْوَى لَمْ أَعْرِفْهَا فَحَصْتُ عَنْهَا [16]. لم يكن مدافعًا عن الفقراء وسخيًا معهم فحسب، وإنما قدم أبوة صادقة، فلم يستنكف كملكٍ أن يدعو نفسه أبًا للفقراء. إذا قُدمت له قضية لا يتسرع في الحكم، بل يهتم بالاستماع إلى كل الأطراف، وفحص كل الجوانب بدقةٍ، فلا يجيب على أمرٍ قبل أن يسمعه (أم 13:18)، ولا يصدر الحكم لأول وهله لمجرد المنظر. "الأول في دعواه محق، فيأتي رفيقه ويفحصه" (أم 17:18). خلال أبوة أيوب الحانية لم يكن يهتم فقط بمن يسأله أن ينقذه من الظلم، وإنما يهتم أيضًا بمن لا يسأله. يجد لذته في البحث عن النفوس المحطمة لإنقاذها، فيفحص الدعاوى التي لم تُقدم له ولا عرفها. ربما يتساءل شخص ما: إن كنا نود أن نحمل نوعًا من الحنو أو الأبوة نحو الآخرين فهل نهتم بأمورهم الجسدية، بينما طلب السيد المسيح ممن دعاه للعمل معه أن يترك الموتى يدفنون موتاهم، ويتفرغ هو للخدمة الروحية (لو 60:9). يجيب البابا غريغوريوس (الكبير)على هذا التساؤل قائلًا: [فوق كل شيء يلزم على الذين يشرقون بالمواهب الروحية ألا يتجاهلوا تمامًا شئون إخوتهم الضعفاء، بل يلزمهم أن يعهدوا بهذا الأمر إلى آخرين لكي يديره من يناسبهم ذلك.] * حقًا، طوبى لذاك الذي لا يُخرج المسكين من بيته فارغ اليدين. ليس من هو أكثر طوباوية من ذاك الذي يشعر باحتياجات الفقراء وضيقات الضعفاء والعاجزين. ففي يوم الدينونة ينال الخلاص من الرب، الذي يحسب نفسه مدينًا له من أجل أعمال الرحمة التي أظهرها. القديس أمبروسيوس القديس يوحنا الذهبي الفم لقد أعلنت العطية النبوية في أكثر وضوح أننا لا ندعوه أبًا حسب الطبيعة، بل بعمل نعمة الله بالتبني. ولكي تتعلم بأكثر تدقيق من الكتاب المقدس الإلهي أنه ليس فقط يُدعى "أبًا" من هو أب طبيعي بل وغيره أيضًا، اسمع ماذا يقول الرسول؟ "لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح، لكن ليس آباء كثيرون، لأني ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 15:4). كان بولس أبًا للكورنثويين، ليس لأنه ولدهم حسب الجسد بل خلال التعليم، وولدهم مرة أخرى حسب الروح. اسمع أيضًا أيوب: "أب أنا للفقراء". لقد دعا نفسه أبًا، ليس لأنه ولدهم جميعًا، بل من أجل اهتمامه بهم. القديس كيرلس الأورشليمي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|