رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَحْوَاضُهُ مَلآنَةٌ لَبَنًا، وَمُخُّ عِظَامِهِ طَرِيٌّ [24]. يترجمها البعض "ثدياه ملآنان لبنًا، وعظامه طرية بالمخ". وجاءت في ترجمة اليسوعيين "السمنة تكسو جبينه، وتسقي مخ عظامه". بمعنى أنه في صحة جيدة، قوي البنية، لا يبالي بشيءٍ سوى أن يحيا سنوات طويلة في فرحٍ وسرورٍ. آماله عريضة في هذه الحياة حتى يفاجئه الموت بغتة! لعلهم يتحدون الموت في داخلهم، كأنه ليس من نصيبهم. يتطلع أصدقاء أيوب إليه كإنسانٍ فقد كل ما يملكه من غنى وكرامة، ويحسبون هذا مؤشرًا أكيدًا عن شره، يظنون أنه في عوز داخلي شديد وفراغ لن يمتلئ. أما هو فيرى أشرارًا كثيرين أغنياء وأصحاب سلطة وكرامة زمنية، يحسبون صدورهم (الثدي) مملوءة لبنًا، أي أشبه بالأم التي بين يديها رضيع تقدم له من لبنها، وأن عظامهم مملوءة حيوية لن يتطرق إليها الجفاف. هذه المشاعر التي تسيطر على مثل هؤلاء الأشرار تصدر عن الغنى المؤقت والكرامة الباطلة، لكن إلى لحظة، حيث يأتي الديان، ويكتشفون أنهم كانوا في حلمٍ وقد تبدد. شتان ما بين اللبن الصادر عن الغنى المؤقت والعظام التي تبدو مملوءة قوة وحيوية بسبب الكرامة الزمنية، وبين اللبن غير الغاش الذي يقدمه الله لأولاده، حيث يرضعون النفوس بكلمة الله الواهبة الحياة، وبالعظام القوية التي تقدمها نعمة الله، فيكون المؤمن أشبه بالصخرة الثابتة التي لن تزعزعها رياح هذا العالم! * "أحشاؤه ملآنة سمنة، وعظامه مرطَّبة بالمخ" [24]. فكما أن السمنة تنشأ عن كثرة الطعام، هكذا الكبرياء عن فيض الخيرات، هذه التي تجعل الذهن يسمن بكثرة الغنى، بينما روحه بعجرفةٍ... يوجد أناس ليس لهم غنى في هذا العالم، لكنهم يشتهونه، ويطلبون أن يُمجدوا، بالرغم من عجزهم عن نوال ما يشتهونه في هذا العالم. بينما ليس لديهم مادة (غنى) ولا كرامة لمساندتهم، لكن بشهواتهم الشريرة يعلن ضميرهم عن جُرمهم في عيني الديان... لاحظوا أنه لذات السبب كيف يفرح الغني بقلبٍ متعجرف. لذلك قيل بحق: "كلاهما يضطجعان في التراب، والدود يغطيهما" [26]. أما الطوباوي أيوب فلم يتكبر حين كان لديه الغنى، ولا اشتهاه بقلقٍ عندما أُخذ منه، كما لم يهلك بسبب الخسائر الخارجية. البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|