رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَيَقُولُونَ لله: ابْعُدْ عَنَّا. وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ [14]. يسيء الأشرار استخدام كل ما وُهب لهم من غنى أو سلطة أو نجاح، ويبلغ بهم الأمر إلى تحدي الله نفسه ورفض الوصية. يفزعون من حضرة الله. "يقولون لله: أبعد عنا". لا يريدون أن يزعجوا أنفسهم بأنهم تحت عينيه، ولا يودون أن يصدهم الخوف منه عن تفكيرهم. يشعرون بأنهم ليسوا في حاجة إليه، ويرفضون معرفته التي لا يجدون فيها أية مسرة، إذ معرفته توبخهم على تمردهم وكما يقول السيد المسيح "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله" (يو 3: 19-20). وفي يوم الرب يهبهم الرب سؤل قلوبهم، إذ يقول لهم: "أبعدوا عني... لأني لا أعرفكم" (مت 25: 41). فمن لا يحتمل رؤية الله بالإيمان هنا في هذا العالم، لن يقدر أن يحتمل رؤيته في يوم الدين. "يقولون للجبال أسقطي علينا، وللآكام غطينا من وجه الجالس على العرش" (هو 10: 8؛ لو 23: 30). "ينظرون إليّ الذي طعنوه وينوحون عليه" (زك 12: 10). يتهلل كل كيان المؤمن الحقيقي برؤية ذاك الذي اشتهى أن يلتقي معه وجهًا لوجه (1 كو 13: 12)، أما الشرير فلا يحتمل البقاء أمام الله، بل تُخرجه أعماله إلى الظلمة الخارجية. لا يُسر الأشرار بمعرفة طرق الله، ولا يُسر الله بطرق الأشرار. فإن الظلمة لا تطيق النور، والنور لا يُسر بالظلمة. وكما يقول الرسول بولس: "لأنه أية خلطة للبرَ والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟" (2 كو 6: 14) * "فيقولون لله: أبعد عنا!" لا يجسر حتى الأغبياء أن يقولوا هذا بالكلام، ومع هذا فإن كل الأشرار يقولون لله بسلوكهم لا بكلماتهم: "أبعد عنا". فإن الذين يمارسون أعمالًا يمنعها الله القدير ماذا يفعلون سوى أنهم يغلقون أنفسهم ضد القدير؟ كما أن التفكير في وصاياه هو دخول لله في الإنسان، هكذا مقاومة وصاياه هي إبعاد الله عن السكنى في القلب... "فإننا لا نُسر بمعرفة طرقك"، الأمر هكذا: إنهم لا يبالون أن يطلبوا معرفته. يقول الحق: "وأما ذلك العبد الذي يعلم إرادة سيده، ولا يستعد، ولا يفعل إرادته، فيُضرب كثيرًا، ولكن الذي لا يعلم ويفعل ما يستحق ضربات يُضرب قليلًا" (لو12: 46-47). يختار البعض ألا يعرفوا ما ينبغي أن يفعلوه، ويحسبون أنهم يُضربون أقل إن كانوا يجهلون ما ينبغي أن يفعلوه. لكن أن لا يعلم شيء، وأن يختار الإنسان ألا يعلم شيء آخر. فإن البعض يريدون أن يعلموا لكنهم غير قادرين، هؤلاء لا يعلمون. أما الذي يُبعد أذنه عن صوت الحق حتى لا يعْلَم، فمثل هذا ليس في جهلٍ بل هو مستخف. الآن "طريق" الله هو السلام، طريق الله هو التواضع، طريق الله هو طول الأناة. لكن الأشرار لا يبالون بهذا كله، ويقولون: "لا نُسر بمعرفة طرقك". أنهم يتشامخون في كبرياء في هذه الحياة. أنهم مُبتلعون بالكرامات حتى يقتنوها، فإنهم يطمعون فيها. إنهم يتجاهلون طرق الله في أفكار قلوبهم. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس يوحنا الذهبي الفم القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
«ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ» قالها الرب لبطرس |
إِلهُنَا يُحَارِبُ عَنَّا |
ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ (لو 5: 4) |
ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ |
عَوَّا | عِوَّة |