رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العبور من العالم أَسْلُكُ فِي طَرِيقٍ لاَ أَعُودُ مِنْهَا". [22] شعر أيوب أن الموت على الأبواب، تعبر سنوات قليلة فيدخل إلى بيته الأبدي، ولا يعود بعد إلى هذا العالم. * "سنواتي محصية، ونهايتهم قادمة" (أي 16: 22)، بمعنى إنني لست أسأل هذا باطلًا، وإنما لأن نهاية حياتي قد بلغت، وانهيار تلك الحياة قريب...! "إنني اذهب إلى الطريق الذي ليس له عودة، هذا الذي قال عنه داود: "أنا سائر في طريق البشر كلهم" (1 مل 2: 2). الرجوع إلى هنا، أي أسفل، أمر مستحيل بالنسبة للإنسان. يشهد داود النبي نفسه عن ابنه الذي مات، قائلًا: "أنا ذاهب إليه، أما هو فلا يأتي إلي" (2 صم 12: 23). من جانب آخر، فإننا إذ نذهب في طريق يستحيل بعده العودة إلى هنا، لنبادر ونهيئ زاد السفر، أي الفضائل. في هذا الطريق لا نجوع ولا نعطش، ولا نتعرى ولا نفقد مجد الحياة. الأب هيسيخيوس الأورشليمي إذ حطم الرب سلطان الموت، وأشرق علينا ببهاء قيامته، صار المؤمنون يبكون، لا خشية الموت بالنسبة لهم أو لأحبائهم، لكنهم بالأكثر يبكون على خطاياهم كما يبكون شوقًا للانطلاق إلى السيد المسيح. * بحسب النظام الطبيعي نبكي من أجل الأموات، هكذا يليق بنا أن نبكي من أجل خلاصنا، بطريقة لا يُعلي عليها. نبكي بشوقٍ هكذا وشجاعة حتى يكون كل شيءٍ لخدمتنا... لنتذكر الخلاص. الذين يفقدون أبناءهم وزوجاتهم لا يفكرون في شيءٍ سوى الذين فقدوهم، بينما نحن الذين فقدنا ملكوتًا سماويًا نفكر في أي شيءٍ ماعدا هذا. ليس من إنسانٍ يفقد والده (أو والدته أو أحد أقربائه) يخجل من الخضوع لناموس الحزن، حتى وإن كان من سلالةٍ ملوكيةٍ. فإنه يسقط على الأرض ويبكي بمرارة، ويستبدل ثيابه، وبإرادته يمارس كل التصرفات التي تليق بمثل هذا الزمن. هذا لا يقوم بناء على تدريبٍ، ولا عن ضعفٍ يخص مثل هذا الحزن، وإنما يمارس هذا كله دون أية صعوبة... وأما نحن الذين نحزن، لا على زوجة، ولا على طفلٍ، بل على نفسٍ، لا لآخر، بل على نفوسنا، فنقدم عذرًا لأنفسنا بدعوى تعب الصحة أو أننا أصحاب تعليم عالٍ... لكننا نهمل حتى ما لا يتطلب مجهودًا جسمانيًا. إني أسأل: أي مجهود نحتاج إليه لممارسة ندامة القلب، والسهر في الصلاة، والتفكير في خطايانا...؟ هذه الأمور التي تجعل الله مترفقًا بنا. لكننا لا نفعل مثل هذه . القديس يوحنا الذهبي الفم [عندما بدأت أتذكر فيضان دموعه، بدأت أنا نفسي أبكي، إذ كان يصعب جدًا أن أعبر بعيون جافة خلال محيط دموعه. لم يوجد قط نهار أو ليل أو جزء من النهار أو الليل، أو أية لحظة، مهما كانت قصيرة، لم تظهر فيها عيناه الساهرتان تسبحان في الدموع. وكما قال، إنه أحيانًا كان يبكي من أجل شقاء الكل وغباوتهم بصفة عامة، وأحيانًا كان يبكي من أجل رذائل معينة. تجده باكيًا ونائحًا ليس فقط عندما كان يتكلم عن الندامة والأخلاقيات وضبط الحياة، بل وحتى أثناء صلوات التسبيح.] * النفس ميته بالخطية. هذا يتطلب الحزن والبكاء والدموع، الحداد والنحيب على الإثم الذي نزل بها إلى الدمار. الصراخ والبكاء والنوح يردها إلى الله... يحزن الله على الصورة التي فُقدت (بسبب خطايانا). النفس عند الله أكثر معزة بكثير من كل خليقته. بالخطية صارت ميتة، وأنت أيها الخاطي أما تبالي...؟! أسكب الدموع وأقمها! قدم لله هذا الفرح، يفرح بأنك تقيم نفسك. القديس مار أفرام السرياني * الدموع هي الفيضان الذي يسقط على الخطايا، وهي تطهر العالم. القديس غريغوريوس النزينزي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|