رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ [7] يصور صوفر عظمة الله ومجده كما يصور حماقة الإنسان وجهله، لهذا يلزم الخضوع له وطلب رحمته وعنايته. لا يمكن لإنسان اكتشاف حكمته فكيف يخَّطئه؟ من يقدر أن يبلغ إلى أعماق الله، ومن يعرف نهايته؟ مهما اشتقت إليه، مهما التصقت وتعرفت على شخصه، تبقى معرفتك له ناقصة تمامًا. لا تتخيل أنك تنجح في البحث عن جوهره، وإدراك كمال حقيقته. ندرك حقيقة وجوده، لكن لا نبلغ إلى إدراك أسراره. كالعين التي ترى المحيط، لكنها لا تبلغ نهايته. ترجم القديس كيرلس الأورشليمي الكلمة المقابلة "لنهاية" ب "أقل": "أإلي أثار الله تجد، أم إلى أقل ما صنعه القدير تنتهي؟" ويعلق على ذلك: [إن كانت أقل أعمال الله غير مدركة، فهل يكون خالق هذه كلها مدركًا؟! ] * "هل تجد أثرًا للرب؟ أو هل تبلغ نهاية ما يفعله القدير؟" بمعنى إن كنت كما سبق فقلت أنك لا تقدر أن تجد أثرًا لسفينة (على البحر)، ولا لطير نسر (في الهواء)، فمن يجد أثرًا لتدبيرات الله، أو من يقدر أن يفهم إيماءات عنايته الإلهية التي يصنعها بالتتابع؟ * حسن أن يقول هذا عن الله، لكنه لم يقله صوفر بنية نقية، لكن وهو يمجد الله ينطق بالشر على البار. الأب هيسيخيوس الأورشليمي يخبرني عقلي الذي على شكل الله عندما يمتزج ذاك الإلهي، أقصد الذهن والعقل، بما هو شبيه به؛ عندما تعود الصورة إلى أصلها الذي تشتاق إليه. هذا يبدو لي هو معنى هذه العبارة العظيمة أننا في الزمان المقبل سنعرف كما عُرفنا ). القديس غريغوريوس النزينزي القديس باسيليوس الكبير يقدم لنا الآباء خلال الفكر الإنجيلي الطريق للدخول إلى سرّ معرفة الله، ألا وهو الحب. كلما التهبت قلوبنا بحبه عمليًا اغتسلت بصيرتنا الداخلية للتعرف على أعماق جديدة. وكلما دخلنا إلى أعماقٍ جديدةٍ في معرفة الله يزداد لهيب حبنا له، فنستخف بالزمنيات ونتعلق بالأبديات. *"هل تجد خطوات الله footsteps of God؟" ما هو الذي يدعوه "خطوات الله footsteps of God" سوى رأفات افتقاده؟ بهذا يحفزنا على التقدم نحو العلويات عندما نتفاعل مع نسمات روحه... عندما تلهب محبة الرب الروحية القلب، يعطي معرفة لطريق نتبعه، كنوع من خطوات الله، كمن يسير ويترك بصمات قدميه على القلب... حسنًا كان المرتل ماهرًا في إتباع خطوات خالقنا عندما قال: "نفسي تتبعك بجدية" (مز 63: 8)، وإذ أراد اقتناء رؤية علوية قال: "عطشت نفسي إلى الله، إلى الله الحي، متى أجيء وأظهر أمام وجه الله؟" (مز 42: 2). يُوجد الله القدير بمفهوم واضح عندما نطأ تحت أقدامنا فساد موتنا. عندئذ يُرى بواسطة الذين يرتفعون إلى السماء في بهاء طبيعته الإلهية. أما في الزمن الحاضر، فإن نعمة الروح المنسكب في قلوبنا ترفع النفس من الأهداف الجسدية وتسمو بها بالاستهانة بالزمنيات، ولا يتطلع الذهن إلى أسفل وإلى كل ما يُشتهي من أسفل، ويلتهب بالشوق نحو العلويات. البابا غريغوريوس (الكبير) وفي الله يُبتلع ويُسبى بنظر جماله، ويتحد بمجده وينذهل. ليس من دخل إلى هذا، وينظر إلى ما يُرى ههنا بشهوة. ليس من يتلذذ بهذه (الأسرار)، ويذوق أيضًا حلاوة شيء مما على الأرض. ليس من ينظر جمالها، وينظر إلى جمال شيء مما في عالمنا أنه حسن. ليس من استغنى بوجودها، ولا يستخف بالدرهم كالزبل. ليس من استأنس بوجودها وسكر بالهذيذ بها، ولم يمقت في عينيه جلسات الناس وأنسهم. ليس من انطلقت في نفسه وفي عظامه محبة المسيح، ويقدر أيضًا أن يحتمل قذارة الشهوة المرذولة. ليس من صار رفيقًا للملائكة واستأنس بأسرارهم، ولم يرذل رفقة العالم ومكائده. ليس من سُبي عقله بجمال رب الكل، ويقدر أيضًا أن يسبيه شيء مما في هذا العالم بشهواته. ليس من ربط عقله بالله والاهتمام به، وينحل أيضًا من شيء ويرتبط بالهم به. الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|