رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحاجة إلى وسيط لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانًا مِثْلِي، فَأُجَاوِبَهُ فَنَأْتِي جَمِيعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ [32]. * هذا ما يعنيه تقريبا؟ إن كان الذي يعاقبني إنسانًا، فإن عقوباته لا تدين بالتمام من يسقط تحتها. أستطيع أن أحاكم أمامه، وأبرهن له أنه ظالم، ولكن لأنك أنت هو الله فهذا مستحيل. القديس يوحنا الذهبي الفم لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا! [33] شكوى أيوب تمثل صرخة البشرية منذ سقوطها، فهي في حاجة إلى مصالحٍ يمكن اللجوء إليه ليرد الإنسان إلى الأحضان الإلهية. من هو هذا الذي له القدرة أن يمد يده بالحب ليضم الإنسان إلى الله. من هو هذا الذي له تلك الدالة إلا كلمة الله المتجسد، الذي هو واحد مع الأب في ذات الجوهر، ومساوٍ له، وقد صار واحدًا مع بني البشر، صار آدم الثاني. إذ الشفيع ربنا يسوع المسيح وحده بلا خطية، فهو قادر أن يقوم بعمل المصالحة بين الآب والإنسان. * ألا ترون كيف أعلن أيوب عن مجيء المسيح، متنبأ تحت مظهر هذه الصلاة، سرّ وسيط حياتنا؟ لهذا قال أيضًا بولس: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح" (1 تي 2: 5). فإنه ماذا يحدث لو أن المسيح قد تجسد وقام بتكرار ما قاله إشعياء في توبيخه للناس؟ "اغتسلوا، تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني. كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق، أنصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج" (إش 1: 16- 18). لماذا قيل عن المسيح أنه "الوسيط"؟ لأنه أخذ شكل الإنسان والله (في 2: 6) فإنه من الضروري للوسيط أن يكون قادرًا على قيادة الأعداء للمصالحة (رو 5: 10)، أن يحمل وجه الاثنين، فإنه بهذا يحقق الاتفاق والمصالحة. وإذ يريد المسيح أن يصالح الإنسان مع أبيه (2 كو 5: 18)، إذ هو الله وصار إنسانًا (في 2: 7) أخذ شكل الاثنين. بل ذهب إلى أبعد من هذا؛ إذ يعلن للبشر ما يفعله في أمر دينونتهم، كيف أنه الديان وهو المحب لهم، وكيف يبرز الديان كصانع الخيرات والرؤوف، فإنه يصف الاغتسال، شاهدًا عن الغسل بالمعمودية. الأب هيسيخيوس الأورشليمي جاء المسيح لكي يُهْلِك الأعداء، ويصنع السلام، ويصالحنا مع الله الذي فَصَلْنَا عنه حاجز الشر الذي أقمناه بخطايانا. * ظهر في هيئته الجسدية وبذل ذاته كجسدٍ، يجذب لنفسه الجسديين حتى يُحوِّلهم أولًا إلى شبه الكلمة الذي صار جسدًا، ثم بعد ذلك إلى ما كان عليه قبل أن يصير جسدًا. العلامة أوريجينوس لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ [34]. * من يقدر أن يرفع عصا الله، أي غضبه الإلهي، فلا يعود يرتعب الإنسان منه؟ إنه ربنا يسوع المسيح الذي وضع إثمنا عليه، ودخل بنا إلى الحب الإلهي فصرنا بروحه القدوس أبناء لله، لنا من الدالة عليه. "ليرفع عني عصاه" [34]، فإنه إذ تجسد وصار مثلنا فلا يضربنا بالعصا ولا بالخوف، بشرط أن نهرب إلى نعمته وإلى الإيمان، نهرب إلى ذاك الذي قام من الأموات: قال الملاك للنسوة: "لا تخفن" (مت 28: 5؛ 10). وعندما ظهر للتلاميذ استخدم ذات اللغة مرة أخرى. في هذا المعنى أكمل أيوب: "إذا أتكلم ولا أخافه [35]. فقد أبطل الخوف عنا، وشيّد ناموس الحب (مت 22: 37- 39). هذا ما كتبه يوحنا اللاهوتي: "المحبة الكاملة تطرد خوفنا" (راجع 1 يو 4: 18). الأب هيسيخيوس الأورشليمي إِذًا أَتَكَلَّمُ وَلاَ أَخَافُهُ. لأَنِّي لَسْتُ هَكَذَا عِنْدَ نَفْسِي [35]. بالمُصالح ندخل إلى الأب في دالة البنوة، نتمتع بحبه، ونفرح بالاتحاد معه. * في الناموس امسك الله العصا، حيث قال: "إن فعل إنسان هذا أو ذاك ليمت موتا". وأما في تجسده فقد نزع عصاه، مظهرًا طريق الحياة بوسائل لطيفة. فقد قيل له بالمرتل: "تقدم وأملك وتهلل من أجل الحق والدعة والبرّ". فإنه لا يفكر في أن يخيف بكونه الله، بل يسكن في قلوبنا كأبٍ يحب. كما يعلمنا بولس بوضوح: "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا، الآب" (رو 8: 15). لهذا لاق أن يضيف هنا: "إذًا أتكلم ولا أخافه" [35]، لأنه إذ رأى القديس مخلص العالم قادمًا في وداعة لم يلتحف بالخوف، بل بنعمة التبني صعد إلى الحب. يقول يوحنا: "لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرد الخوف" (1 يو 4: 18). ويقول زكريا: "منقذين من أيدي أعدائنا نعبده" (لو 1: 74). فالخوف ليس له قوة ليقيمنا من موت الخطية، لكن نعمة الوداعة المنسكبة تقيمنا إلى عرش الحياة. هذا ما أشير إليه بأليشع، فإنه إذ أرسل خادمه بالعصا لم يرد الحياة للصبي الميت مطلقًا. ولكن عند مجيئه شخصيًا بشخصه وبسط نفسه على الجسم الميت، ولصق نفسه بأعضائه ومشى هنا وهناك، ونفخ في فم الجسم الميت سبع مرات، رده إلى نور الحياة الجديدة خلال خدمة الحنو... فالله إذ قدم رعب الناموس بواسطة موسى يكون كمن أرسل العصا بواسطة الخادم. لكن عندما جاء بشخصه وبسط نفسه في تواضع على الجسد الميت جعل نفسه ملتصقًا بأعضاء الجسد الميت". الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان..." (في 2: 6 -8). لقد نفخ في الجسم الميت سبع مرات، وذلك بالإعلان عن النعمة الإلهية، واهبًا روح النعمة السباعية للذين انطرحوا في موت الخطية. بعد هذا قام حيًا، في ذاك الصبي الذي لم تستطع عصا الرعب أن تقيمه إنما نال الحياة بروح الحب. البابا غريغوريوس (الكبير) المسيح يتحدث: "أنا هو لا تخافوا". لماذا تنزعجون لهذه الأمور؟ لماذا تخافون؟ لقد سبق فأخبرتكم بهذه الأمور أنها ستحدث حتمًا... "أنا هو لا تخافوا. فرضوا أن يقبلوه في السفينة". إذ عرفوه وفرحوا تحرروا من مخاوفهم. "وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها". وُجدت نهاية عند الأرض، من المنطقة المائية إلى المنطقة الصلدة، من الاضطراب إلى الثبات، من الطريق إلى الهدف. القديس أغسطينوس القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب |الحاجة إلى التذلل لله |
أيوب | الحاجة إلى مُصالح وسيط |
خذ لك القديسين وسيط |
خد الحاجة المناسبة ليك مش الحاجة اللي تعجبك |
وسيط |