يسوع المُقام
«اذكُر يسوع المسيح المُقَام من الأموات،
من نسل داود بحسب إنجيلي»
( 2تيموثاوس 2: 8 )
مهما تعدَّدَت واختلفت أعواز النفس فإننا نجد سدادها جميعها في موت المسيح وقيامته. فمهما كانت النفس مُثقلة بالخطية فإنها تجد في قيامة المسيح برهانًا مجيدًا على أن عمل المسيح كافٍ لمحوها، وإذ نرفع أبصارنا إلى فوق فنرى الرب يسوع جالسًا عن يمين الله، نتيقن من أن الله قَبِلَ عمله لأجلنا قبولاً تامًا، فهو «أُسْلِمَ من أجل خطايانا»، وعلى الصليب وقف كبديلنا وحَمل آثامنا التي أحدَرَت به إلى القبر، ولكن الله أقامه من الأموات مُظهرًا بذلك تمام الرضا على عمل الفداء، ولذلك يقول الوحي: «أُقيمَ لأجل تبريرنا» ( رو 4: 25 ). من ثم نرى أن في القيامة راحة النفس من جهة الخطية.
وعندما نتقدَّم قليلاً وندخل في طريق الشهادة المسيحية، ذلك الطريق الشاق المُتعب، نجد في ”يسوع المُقَام“ العلاج الناجع لكل أدواء حياتنا، ولنا في يوحنا20 صورة واضحة تُمثِّل ذلك، فمريم المجدلية تقصد قبر يسوع في الصباح باكرًا، وهي ليست حزينة لفقدْ سَيِّدها المحبوب فقط، ولكنها مُتحيِّرة في كيفية دحرجة الحجر عن القبر، ولكن القيامة قد أزالت حزنها كما بدَّدَت حيرتها، ويَسُوعَ المُقام قد طيَّب قلبها الحزين، كما قد رفع عنها الحِمل الذي أثقَل كاهلها، فوجدت الحجر مُدحرجًا عن القبر، وقابلت سَيِّدها الذي حجبَهُ الموت عن ناظرها وقتًا قصيرًا.
وإن امتدَّت يد الموت القاسية وأخذت أحد أحبائنا وكسرت قلوبنا، ما هو العلاج؟ العلاج هو القيامة، فهي التي تُطيِّب قلوبنا، وتجبر كسرنا، وتُداوي جروحنا. فإن شعر الضمير بثقل الخطية فالقيامة تُريحه راحة تامة إذ تُثبت له أن عمل ضامنه قد أُكمِل بالتمام، وإن انحنَت قلوبنا تحت ثقل الأحزان وتجرَّحت من جراء فعل الموت، فالقيامة تعصبها وتشفيها إذ تضمن لنا اجتماعنا بمَن سبقونا وجمع شملنا بهم «لا تحزنوا كالباقين .. الراقدون بيسوع، سيُحضرهم الله أيضًا معَهُ» ( 1تس 4: 13 ، 14).
يظن الكثيرون أن مرور الزمن يملأ الفراغ الذي يُحدثه موت الأحباء في القلب، ولكن الذهن الروحي لا يمكنه أن يعتبر الزمن بكل ظروفه وأطواره بديلاً عن القيامة بكل أفراحها وأمجادها. العالمي قد يجد في تغيُّر الظروف ما يسد الثغرة التي يُحدثها الموت، أما المؤمن المسيحي فيتطلَّع إلى القيامة كغرضه العظيم الذي يرُّد له ما قد فقَده ويُعالج كل مصائبه.