رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا يريد يسوع بوصية تجنب الانتقام "مَن لَطَمَكَ على خَدِّكَ الأَيْمَن فاعرِضْ لهُ الآخَر"(متى 5: 38-39)، تدمير مبادئ العدالة الاجتماعية المتعارف عليها، وضياع الحق العالم وظلم الأقوياء للضعفاء. فهنالك ظروف يجب فيها الدفاع عن أنفسنا وعن الآخرين. يسوع نفسه لم يُعرض خدّه لخادم عظيم الأحبار عندما ضربه، بل توجّه إليه بعزة وكرامة سائلا: "إِن كُنتُ أَسَأْتُ في الكَلام، فبَيِّنِ الإِساءَة. وإِن كُنتُ أَحسَنتُ في الكَلام، فلِماذا تَضرِبُني؟"(يوحنا 18: 22). ويُعلق القديس أوغسطينوس "كثيرون تعلّموا كيف يقدّمون الخدّ الآخر، ولكنهم لم يتعلّموا كيف يحبّون ضاربهم. المسيح ربُّ المجد، واضع الوصيّة ومنفّذها الأول، عندما لُطم على خدّه، لم يقدّم الخدّ الآخر، ومع ذلك فقد كان قلبه مستعدًا لخلاص الجميع لا بضرب خده الآخر فقط من قبل ذلك العبد، بل صلب جسده كله". أن وصية يسوع "لا تُقاوِموا الشِّرِّير" (متى 5: 39) ليس هي موقف صادر عن ضعف، بل عن قوة داخلية التي تنمُّ عن التغلب على روح الانتقام التي فينا. لا يتمُّ التغلب على الشر عندما نكيل الصاع صاعين؛ إن الشر الذي نعاني منه يبقى قوة خارجية عنا، ولكن عندما ننتقم ونكيل لخصمنا بالمثل فان ذلك يؤدي إلى تغلغل الشر فينا وإلى تقويته. وهكذا نسمح للشرير أن يسكن فينا. أمَّا المسيح فيفتح طريقا جديد للبشرية: الانتصار على الشر بالخير والإجابة على البغض بالمَحبً والمغفرة. يعلق البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني "لا يمكن لعالم الناس أن يصبح "أكثر إنسانيّة" إلاّ إذا فسحنا في جميع العلاقات المتبادلة للمغفرة التي لا بدّ منها وفقًا للإنجيل. إنّ المغفرة شرط هام للمصالحة ليس فقط في العلاقة بين الله والإنسان، بل أيضًا في العلاقات المتبادلة بين الناس" (الرسالة العامّة "الغنى بالمراحم" (Dives in misericordia)، الفصل 7، الفقرة 14). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|