رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أورشليم الفتاة المزدرى بها: إن كان هذا الأصحاح في الحقيقة يمثل أنشودة الخلاص المجاني الذي قدمه لنا الله بالرغم من خطايانا ونجاسات قلبنا، ويبقى يقدمه لنا كل أيام غربتنا حتى يدخل بنا كعروس مقدسة للسيد المسيح، فإن بدء هذه الأنشودة هو "اكتشافنا خطايانا" لكي نتقبل عمله فينا. تبدأ كلمات الرب هكذا: "يا ابن آدم عّرِف أورشليم برجاستها" [2]. هذا هو الطريق الذي هيأه القديس يوحنا المعمدان للسيد المسيح، حينما جاء يكشف عن الضعف البشري، لكي يقبل الخطاة ذبيحة المسيح الكفارية. هذا هو عمل الروح القدس فينا، يفضح ضعفاتنا أمام بصيرتنا الداخلية فنعترف بها وكما يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير: [إذا أسلمت النفس ذاتها للرب بكل قوتها فإن الله الصالح يظهر لها هذه الأوجاع والعيوب واحدة واحدة لكي تحيد عنها]. ويقول القديس مار أفرام السرياني: [لا تستطيع أن تصغي لكلماته وأنت بعد لم تعرف ذاتك]. ما هي رجاستها؟ "قل هكذا قال السيد الرب لأورشليم: مخرجك ومولدك من أرض كنعان أبوك أموري وأمك حثية" [3]... كان يهوذا وأيضًا إسرائيل يفتخران أنهما من نسل إبراهيم، جنس مختار. لكن الرب يعلن لأورشليم أنها لم تخرج من صلب إبراهيم روحيًا ولا ولدت منه، بل من أرض كنعان، أبوها أموري وأمها حثية. لقد سقطوا في خطايا الأموريين والحثيين وارتبطوا بهم من خلال الشر، فنزعت عنهم بنوتهم لإبراهيم أبي المؤمنين، بل ونزع عنهم انتسابهم لله، وصاروا بالحق أبناء هذين الشعبين. وكما يقول العلامة ترتليان: [إنهم ليسوا من سلالة هذين الشعبين، إنما دعوا أولادًا لهما بسبب تشبههم بشرهما، هؤلاء الذين دعاهم قديمًا أبناء له بإشعياء النبي، قائلًا: "ربيت بنين ونشأتهم" (إش 2: 1)]. ويقول القديس أغسطينوس: [إذ كان الأموريون والحثيون أشرارًا، وقد تمثل اليهود بهم في شرهم وجدوا فيهم والديْن لهم، ليس لأنهم ولدوا منهم وإنما لأنهم اشتركوا معهم في دينونتهم إذ سلكوا في عاداتهم ]. ويقول العلامة أوريجانوس: [ارتكبت أورشليم مثل هذه الخطايا (عبادة الأوثان) فلا تستحق أن تدخل في وعود الله]. لقد صارت كنعانية أمورية الأب، حثية الأم، خارج دائرة المواعيد الإلهية. هكذا من يقبل التعاليم الغريبة والفلسفات الكاذبة، بعيدة عن روح الكتاب المقدس يبقى خارجًا، فلا يُحسب أورشليم المقدسة بل كنعانيًا أو أموريًا أو حثيًا! لاحظ العلامة أوريجانوس أنه عند توبيخ أورشليم ذكر الرب أن والدها من جنسية (أموري) ووالدتها من جنسية أخرى (حثية)، لأنه حيث توجد الخطية يوجد انقسام وانشقاق وتفريق، وحيث الفضيلة توجد الوحدة، إذ يقول: [حيث توجد الخطايا تكون العثرة والانفصال والهرطقات والخلافات؛ وحيث الفضيلة فهناك الوحدة والاتحاد، حيث يكون المؤمنون بقلب واحدٍ وروح واحدة. لنقل في صراحة إن أصل الشرور هو الكثرة وبداية الصلاح أن نحيا في وحدة... فتكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدة. لكن إن كنا غير متحدين فنقول: أنا لبولس وأنا لأبولس وأنا لصفا... بجانب هذا نكون منقسمين ومنفصلين ولا نصل إلى موضع من جمعتهم الوحدة وكما أن الآب والابن واحد كذلك يكون واحدًا جميع الذين لهم روح واحدة ]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|