منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 01 - 2023, 02:04 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

مزمور 71 | تسبحة النصرة




تسبحة النصرة

فَمِي يُحَدِّثُ بِعَدْلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ بِخَلاَصِكَ،
لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ لَهَا أَعْدَادًا [15].

جاءت كلمة "بعدلك" في الترجمة السبعينية: "ببرِّك".
هنا يجمع البرّ مع الخلاص، فالخلاص الذي ننعم به هو ثمر برّ الله وأمانته في تحقيق وعوده الإلهية لنا. بالنسبة لنا خلاصنا هو الترجمة العملية لبرّ الله غير المُدرك. يقول الرب: "أليس أنا الرب ولا إله غيري. إله بار ومخلص، ليس سواي" (إش 45: 21).
لا يعرف المؤمن أعدادًا لأعمال الله المملوءة حبًا ورحمة وخلاصًا، فيبقى يسبح بلا انقطاع دون نهاية.
* من ثمَّ، أضيف إلى كل تسبيحك، وذلك لأنني وإن كنت بارًا، إنما هذا البرّ هو برَّك أنت فيَّ، وليس برِّي الذاتي، فإنك أنت تبرر الخطاة (رو 4: 5).
"اليوم كله بخلاصك" ما هو"خلاصك"؟ليته لا يحسب أحد أنه يخلص بنفسه، "للرب الخلاص" (مز 3: 8). لا يخلص أحد نفسه بنفسه، "باطل هو خلاص الإنسان" (مز 60: 11). "اليوم كله خلاصك"، في كل الأوقات. إن حلت محنة، فلتكرزوا بخلاص الرب، إن حلّ فرج اكرزوا بخلاص الرب. لا تكرزوا وقت الفرج، وتفقدوا سلامكم وقت الشدة، وإلا فلا يتحقق القول "اليوم كله". فإن اليوم كله هو نهار مع ليله... لذلك ففي اليوم كله تحدثوا بتسبيح الله، أعني في الفرج كما في الشدة. في الفرج كما في وقت النهار؛ وفي الشدة كما في وقت الليل.
القديس أغسطينوس

* ربي، يشكرك الصالحون والطالحون لأجل محبتك، لأن العالم عرف أنها أعظم من الكل وهي بدون حدٍ.
ربي، يشكرك الأبرار بسيَرهم، والأبرار بفضيلة أفعالهم.
ليشكر القتلى بالدم الذي سال من أعناقهم، وجميع المضطهَدين بعذابات أعضائهم المتنوعة.
ليسبّح اسمك الأنبياء بجمال إيحاءاتهم، والرسل والشهداء بذبح أشخاصهم.
ليشكر الأحبار بذبائح أفكارهم المملوءة سلامًا، وجميع الكهنة بألبستهم وبأزيائهم.
ربي، ليسبّح الشعوب والعوالم بشعانينهم، وكل الأقاصي والجهات مع سكانها.
والبحر بأمواجه، واللجة بأسماكها، والعلو بوديانه، والعمق بطغماته، والسماء (الجلد) بنورها، والأرض بأبنائها.
والسماء بالمستيقظين، والرياح بالهبوب، والغيوم بالبروق، والرعود بالأصوات، والأفواه بالكلمة، والعقل بالتعجب.
والأفكار بالمحبة، والكاروبيم بالخوف، والسيرافيم بالتقديس، والنار بالقوة، والريح بشدتها، والكل مع الكل،
والمبددين الذي جمعتهم، والساقطين الذين أنهضتهم، والمنكسرين الذين جبرتهم، والعبيد الذين حررتهم، والمطرودين الذين أعدتهم، والصغار الذين عظمتهم.
والمرضى الذين تفقدتهم، والمعلولين الذين شفيتهم، والمسلوبين الذين أنقذتهم، والمتعبين الذين أرحتهم، والغاضبين الذين صالحتهم، والدنسين الذين طهرتهم.
والأسرى الذين حللتهم، والسجناء الذين حررتهم، والموتى الذين أحييتهم، يشكرون محبتك دون أن يوفوها، لك التسبيح .
القديس مار يعقوب السروجي



آتِي بِجَبَرُوتِ السَّيِّدِ الرَّبِّ.
أَذْكُرُ بِرَّكَ وَحْدَكَ [16].
إلى أين يأتي داود النبي ليلتقي بالسيد الرب القدير في أعمال رحمته؟ حقًا كان لخيمة الاجتماع مكانة خاصة في قلب داود وفكره. كان يشتهي أن يبقى في بيت الرب كل أيام حياته، حيث يشعر أنه في بيت أبيه! لكن إذ طُرد من قصره أو من مكان إقامته، وصار مستحيلًا عليه الدخول إلى بيت الرب، لا يستطيع تغيير المكان أن يحرمه من الوجود في أحضان أبيه القدير. ما يشغل داود النبي هو برّ الله وحكمته ورحمته وقدرته وأمانته في وعوده. كل كيانه ممتص في الله!
* "آتي بقوة الرب" [16]، ليس بقوتي أنا، بل بقوة الرب. فإنهم يتمجدون في قوتهم التي للحرف... ولأن الحرف يقتل، والروح يحيي (2 كو 3: 6)، فإني لا أعرف الحرف، بل أدخل في قوة الرب...
"يا رب، أذكر برَّك وحدك" [16]. آه! "وحدك". إني أسأل: لماذا أضاف كلمة "وحده"؟ أما كان يكفي القول: "أذكر برَّك"؟ يقول: "وحده"، فإنني لا أذكر برِّي أنا. "أي شيء لك لم تأخذه؟" (1 كو 4: 7) برَّك وحده يخلصني، أما ما هو لي وحده، فهو ليس إلا خطايا. ليتني لا أتمجد في قوتي، ليتني لا أبقى في الحرف، لأرذل الحرف، أي تمجيد الناس للحرف ولقوتهم الفاسدة، كأناس مسعورين .
القديس أغسطينوس



اَللهُمَّ قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ،
وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ [17].
يشعر رجال الله أن معلمهم الحقيقي هو الرب، يفتح عن أعينهم، فيرون أعمال محبته العجيبة، خاصة نحو بني البشر. قيل:" (وأجعل)... كل بنيكِ تلاميذ الرب" (إش 54: 13).
ما هو تعليم الله لداود من صباه؟ الفرح بعمل الله وحكمته وتدبيره الخلاصي.
* ماذا تعلمني؟ أن أذكر برَّك وحده. فإنني إذ أعيد النظر في حياتي الماضية أرى ما أنا مدين به، وما استلمته عوض أن أسدد المطلوب مني.
مطلوبة مني العقوبة، وقد دفعتها النعمة.
مطلوب مني الجحيم، وقد وُهبت لي الحياة الأبدية.
"اللهم، قد علمتني منذ صباي". منذ بداية إيماني الذي به جددتني. علمتني أنه ليس شيء يسبق هذا، لذلك وجب عليَّ أن أقول إنه ما كان مطلوبًا مني قد دفعته أنت. فإنه من يرجع إلى الله سوى من الإثم؟ من خلص إلا من السبي؟ لكن من يقدر أن يقول إن سبيه كان ظلمًا، إن كان قد ترك (الله) قائده وذهب إلى المدمر؟ الله هو الذي كان يجب أن يكون قائدنا، وإبليس هو مدمِّر: أعطى القائد وصية، والمدمر قدم خداعًا (تك 2: 17؛ 3: 5). أين كانت آذانكم بين الوصية والخداع؟ هل كان الشيطان أفضل من الله؟ هل كان المخادع أفضل من خلقك...؟
"اللهم، قد علمتني منذ صباي". منذ الوقت الذي فيه رجعت إليك، وتجددت بك يا من خلقتني، وأعدت خلقة من أوجدته، وأعدت تشكيل من شكَّلته؛ منذ الوقت الذي فيه تحولت إليك تعلمت أنه ليس عن استحقاق سابق، وإنما نعمتك حلَّت عليَّ مجانًا لكي أذكر برَّك وحده .
القديس أغسطينوس

إذ يكشف الله عن عجائب حبه لتلميذه، تفيض أعماق التلميذ بالتسبيح والشكر، ويشهد بلسانه أيضًا عن جميع عجائبه: "أحمد الرب بكل قلبي. أحدث بجميع عجائبك" (مز 9: 1). "لأسمع بصوت الحمد، وأحدث بجميع عجائبك" (مز 26: 7). "كثيرًا ما جعلت أنت أيها الرب إلهي عجائبك وأفكارك من جهتنا" (مز 40: 5).


وَأَيْضًا إِلَى الشَّيْخُوخَةِ وَالشَّيْبِ يَا اللهُ لاَ تَتْرُكْنِي،
حَتَّى أُخْبِرَ بِذِرَاعِكَ الْجِيلَ الْمُقْبِلَ،
وَبِقُوَّتِكَ كُلَّ آتٍ [18].
داود النبي في شيخوخته وشيبته لا يتكل عن خبراته الطويلة، ولا على حكمته أو شعبيته أو إمكانياته المادية أو سلطانه الزمني، لكنه يبقى متكئًا على صدر الله، يسأله ألا يفارقه!
* أنت علمتني عن نعمتك منذ صباي، وحتى الآن، بعدما تعديت صباي "أخبر بعجائبك". [17]. لأنك أنت معي حتى لا أموت، يا من أتيت لكي أقوم. "وأيضًا إلى الشيخوخة والشيب"، أي حتى آخر نفس لي، إن لم تكن أنت معي، لا يكون لي استحقاق من ذاتي، إنما ليت نعمتك تبقى معي على الدوام...
"لا تتركني، حتى أخبر بذراعك الجيل المقبل" [18]:
ذراع الرب هو المسيح، لا تتركني. لا تدعهم يفرحون الذين يقولون: "إنما إلى حين يُوجد المسيحيون". ليبقَ أشخاص يخبرون عن ذراعك "لكل جيلٍ مقبلٍ" [18]، إن كان سيوجد جيل مقبل، فهذا يعني إلى نهاية العالم. فإنه إذ ينتهي العالم، لا يعود يوجد جيل مقبل.
القديس أغسطينوس



وَبِرُّكَ إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا اللهُ الَّذِي صَنَعْتَ الْعَظَائِمَ.
يَا اللهُ مَنْ مِثْلُكَ! [19].
يحوي برّ الله هنا الشعور بأمانة الله في تحقيق وعوده الإلهية، خاصة نزول عمانوئيل إلينا، يحمل ما لنا، لنحمل ما له! جاء يقدم لنا نفسه لكي نقتنيه، فننعم بواهب الخيرات الروحية من غنى حقيقي وسلامٍ مع السماء، ومصالحة معها، وحبٍ لإخوتنا. نلبسه، فيستر عُرينا الداخلي. نقتنيه، فيُحول جفافنا إلى الإثمار، ومرارتنا إلى عذوبة. نزل إلينا كمعلمٍ سماويٍ، ليلهب قلبنا بالسماويات، ويحررنا من محبة الزمنيات. من أجلنا غطس كسبّاح في أعماق الجحيم، ليحطمه، ويطلقنا من هذا السجن المظلم إلى ملكوته المنير. قبل الموت بالصليب، ليقتل بموته الموت.
* ليتني أخبر كل جيلٍ مقبلٍ: أنتم تأتون من السبي، وتنتمون إلى آدم (الجديد واهب الحرية). لأخبر كل جيلٍ مقبلٍ أنه ليس لي قوة من عندي، ولا برّ من عندي، وإنما "قوتك وبرَّك إلى العلياء يا الله الذي صنعت العظائم" .
"قوتك وبرَّك"، إلى أي مدى؟ هل حتى إلى الجسد والدم؟ لا، بل "إلى العلياء يا الله الذي صنعت العظائم". فإن العلياء هي السماوات، وفي الأعالي الملائكة والعروش والسلاطين والرئاسات والقوات.
إنهم مدينون لك بما هم عليه.
إنهم مدينون لك بالحياة التي لهم.
إنهم مدينون لك أنهم يحيون بالبِرّ.
مدينون لك بالبركات التي يعيشونها...
لا تظنوا أن الإنسان وحده ينتمي إلى نعمة الله، ماذا كان الملاك قبل أن يُخلق؟ ماذا يكون الملاك إن تركه ذاك الذي خلقه؟
القديس أغسطينوس

* أرسلك أبوك لتعظم البشر، وتقيمهم من دمار المزبلة.
خلطتك المراحم بالبشر الذين كانوا هالكين، وباختلاطك بهم وجدتهم لكي تردهم.
صرت منا، وها أنت معنا بجوارنا.
أنت عمانوئيل الذي جاء يحرر عبيد أبيه، يا أيها الابن الحبيب.
ها أنت معنا، وأنت إلهنا. بالنبوة كُتب عنك أنك عمانوئيل.
* صار فقيرًا لأجلنا، وجعلنا أغنياء بمراحمه.
صار ابن الإنسان، وجعلنا أولاد الله. أصعدنا من انحطاط العبيد، وأقامنا في درجة الأبناء الأعزاء (2 كو 8: 9؛ يو 15: 15).
صار ميتًا بإرادته، وسلمنا للحياة التي لا تموت، لئلا يتسلط الموت بعد علينا. أضاء المسكونة التي كانت مظلمة، ومهَّد طريق الحياة للبشر، ليذهبوا عند أبيه المجيد .
القديس مار يعقوب السروجي

"يا الله من مثلك؟"جاءت غواية إبليس لآدم وحواء على لسان الحية أنهما يصيران كالله. أما المرتل وهو يتطلع إلى نعمة الله سواء بالنسبة للإنسان أو الطغمات السمائية فيقول: "يا الله من مثلك؟"بالعصيان فقد أبوانا الأولان ما فيهما من شبه لله، وبالنعمة يعود الإنسان ليتمتع بصورة الله ومثاله، كما كان عليه آدم قبل السقوط.
* يتشامخ الإنسان لكي ينتسب إلى السبي الأول، ويسمع الحية تقترح: ذق، فتكونان كآلهة (راجع تك 3: 5). هل البشر يصيرون كآلهة؟
"يا الله من مثلك؟" ليس أحد في الحفرة، ليس أحد في الجحيم، ليس أحد في السماء، لأن هؤلاء جميعًا أنت خلقتهم. لماذا يصارع المخلوق مع خالقه؟
"يا الله من مثلك؟" أما بالنسبة لي يقول آدم البائس، آدم الذي في كل إنسان، بينما بإرادة منحرفة أردت أن أكون مثلك، انظر ما قد صرت عليه. فمن السبي أصرخ إليك: أنا الذي كنت في حالٍ حسنٍ كملكٍ صالحٍ، صرت مسبيًا لدى مخادعي.
أصرخ إليك، لأنني سقطت من عندك.
متى سقطت من عندك؟ عندما طلبت بفسادٍ أن أكون مثلك...
بالضلال الشرير، وتشامخه الشرير، حُكم عليه بالموت بانسحابه من طريق البرّ. انظروا لقد كسر الوصية، لقد نزع عن رقبته نير ضبط النفس، انتفخ بروح متعجرف وكسر لجام القيادة إربًا إربًا.
أين هو الآن؛ إنه بالحق أسير، يصرخ: "يا رب من هو مثلك؟" في انحراف أردت أن أكون مثلك، فصرت مثل بهيمة!
بالحقيقة كنت مثلك حينما كنت تحت سلطانك وتحت وصيتك. لكن "الإنسان في كرامةٍ لا يبيت، يشبه البهائم التي تُباد" (مز 49: 12). الآن إذ هو في شبه بهيمة، يصرخ مؤخرًا ويقول: "يا الله، من هو مثلك؟"
القديس أغسطينوس

* هو السبيل التي يسير عليها المرء ليرى أباه، وهو باب الحياة، ومن يدخلون فيه ينتصرون على الموت (يو 14: 6، يو 10: 9).
هو الطبيب ومنه تجري كل المعونات، وهو الينبوع الذي يتدفق حياة لمن هم حواليه.
به يُطرد الأبالسة والشياطين من الإنسانية، وتُشفي أمراض وقروح المرضى.
وبه تتنقى حياة النفس ومنه تستنير، وبه تُذبح خطايا العالم التي كانت كثيرة.
هو يبرر العشارين بقوة كرازته، وبالغفران يجعل الخطاة كاملين.
هو طرد إبليس الكنعانية التي طلبت منه، وهو يطفيء هوى نفسك إن كنت تنظر إليه.
هو الذي يحمل ثقل العالم بجبروته، وعليه تستند كل الخلائق، وبه توجد.
هو شمس البرّ والنور العظيم، وهو الطبيب والشافي لجميع المرضى (مل 2: 4).
هو الغنى، وابن الغني، ومثري الكل، وهو قوة كل الضعفاء، وبه يتقوون (2 كو 8: 9؛ أف 2: 4).
هو الذي يضمد الأوجاع والأمراض ويطرد الأبالسة، مبارك من نزل وافتقد العالم وشفى أمراضه .
القديس مار يعقوب السروجي



أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً وَرَدِيئَة،ً
تَعُودُ فَتُحْيِينَا،
وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا [20].
اليد الإلهية التي بحكمة سمحت بالضيق، هي عينها بذات الحكمة والحب ترفعنا وتنجينا، بل وتحيينا.
* "أنت الذي أريتنا ضيقات كثيرة ورديئة" [20]. عن استحقاق أيها العبد المتكبر. لأنك بحماقة أردت أن تكون مثل إلهك الذي خلقك على صورة ربك (تك 1: 27).
هل كنت تظن أن هذا حسن لك، عندما تنسحب من هذا الصلاح؟ حقًا قال الله لك: إن انسحبت مني، وإن حسن هذا عندك، لا أكون أنا هو صلاحك. مرة أخرى إن كان هو صالح، وعلى أعلى مستوى الصلاح، وهو صالح في ذاته وبذاته، وليس بصلاحٍ خارجيٍ، وهو نفسه صلاحنا الرئيسي، فبانسحابك منه، ماذا ستكون عليه سوى أن تكون شريرًا؟ أيضًا إن كان هو طوباويتنا ماذا يبقى لمن ينسحب منه سوى البؤس؟
ارجع إذن بعد البؤس، وقل: "يا رب، من مثلك؟ كم من ضيقات ترينا كثيرة ورديئة".
لكن هذه (الضيقات) هي تأديب ونصح وليست تخليًا.
أخيرًا، إذ يقدم الشكر، يقول: "تعود فتحيينا، ومن أعماق الأرض تعود فتُصعدنا" [20]... من أعماق الأرض أرجعتنا، من أعماق الخطية وغرقها .
القديس أغسطينوس

* عندما يرى السامي (الله) الإثم الحاصل ويسكت، لا تفكر بأنه ليس غيورًا أو منتقمًا.
وعندما يؤدب بشدةٍ، لا تظن بأن غضبه غصبه، وتحرك ليؤدب الإثم الذي رآه.
هو كما هو عندما يؤدب وعندما يطيل أناته، لأن الله لا يتغير عما هو عليه .
القديس مار يعقوب السروجي



تَزِيدُ عَظَمَتِي،
وَتَرْجِعُ فَتُعَزِّينِي [21].
لا ينتظر داود النبي الخلاص الأكيد فحسب، وإنما يرافقه بركات وأمجاد وتعزيات أكثر مما يسأل، وفوق ما يطلب.
لقد أصعدنا الرب من أعماق الأرض، بل من القبور، عندما قام وقدم بنا الحياة المُقامة، ووهبنا أن نطلب ما هو فوق، بهذا وهبنا الراحة الحقيقية والتعزيات السماوية وشركة الأمجاد.
في شيء من الإطالة يعلق القديس أغسطينوس على كلمة "تعود" [20]، وأيضًا: "ترجع" [21]. فإن ما ناله إنما هو انعكاس وامتداد لما حدث مع السيد المسيح. إذ قام يقيمنا معه، وإذ صعد يصعدنا معه.
* إننا نرجع من أعماق الأرض بإيماننا به، ذاك الذي سبقنا فقام من أعماق الأرض... ها أنت تسمع "تعود"، ثم "ترجع"، لأن المسيح يذهب أمامنا، والآخرون يترجون (أن ينالوا).
القديس أغسطينوس



فَأَنَا أَيْضًا أَحْمَدُكَ بِرَبَابٍ حَقَّكَ يَا إِلَهِي.
أُرَنِّمُ لَكَ بِالْعُودِ يَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ [22].
يسبح المرتل الله ليس فقط من أجل أعمال محبته تجاهه، وإنما من أجل كل سماته الإلهية العجيبة. يسبحه من أجل حقه ومن أجل أنه القدوس. فالمؤمن الحقيقي لا يخشى الحق الإلهي، ولا يضطرب، لأن الله قدوس. إنما يجد في الحق الإلهي ينبوعًا ليتعرف على الحق ويختبره ويستعذبه. ويجد في القداسة الإلهية ليس رعبًا بسبب خطاياه ونجاسات قلبه، إنما يجد مصدرًا مجانيًا ونعمة فائقة ليتمتع بالشركة مع القدوس، فتنحل الخطية وتهرب، إذ لا تجد لها مكانًا في قلبه أو فكره أو أحاسيسه!
يرنم المرتل بالرباب كما بالعود، أي بالروح كما بالجسد، كما يقول القديس أغسطينوس.
* ما هي الرباب؟ إنها آلة من الخشب والأوتار. ماذا يعني هذا؟ يوجد شيء من الاختلاف بينهما وبين العود... يبدو أنه يقصد بالرباب الروح، وبالعود الجسد .
القديس أغسطينوس

* البشر مكونون ليسبّحوا كثيرًا، ولعلهم يذكرون التسبيح كل يوم بزيادة!
الشمس النيّرة ليست نيّرة لنفسها أو تسير لنفسها، لكن لها نور لتنير البشر.
ولأجلهم صارت النيرات في السماء، ولهم تنفع الأيام والليالي.
للبشر يوجد التمييز والمعرفة والكلمة والصوت، ليعطوا التسبيح للعلي في موضعه.
فم الإنسان متقن كأنما لتسبيح الرب، ومن يبطل من التسبيح صار ناكرًا (للجميل).
ولهذا لك الفم لتسبّح به وتشكر به وتهلل به وتبارك به.
سبّح لأن لك الكلمة المسبِّحة، وهلل لأن لك الصوت المملوء أنغامًا.
اشكر لأن لك الذهن والتمييز، وبارك لأنك صرتَ إناء ناطقًا وغير صامتٍ.
لم تكن شيئًا وجعلتك المراحم شيئًا عظيمًا، وبما أنك صرتَ موجودًا، فاشكر بعجبٍ، لماذا أنت ساكت؟
ادخل إلى ذاتك وانظر إلى شخصك في داخلك، ففيك توجد كل عجائب القدرة الخالقة .
القديس مار يعقوب السروجي



تَبْتَهِجُ شَفَتَايَ إِذْ أُرَنِّمُ لَكَ،
وَنَفْسِي الَّتِي فَدَيْتَهَا [23].
يسكب التسبيح لله فرحًا على كل كيان الإنسان، على نفسه وجسده! يرى القديس أغسطينوس أن الشفتين تعبران أحيانًا عما في الداخل، وأخرى عما في الخارج. فقد يبتسم الإنسان، لكن ابتسامته لا تعبر عن سلامه الداخلي أو بهجة نفسه. هنا يؤكد المرتل أن بهجته تمس الخارج والداخل. شفتاه تبتهجان، ونفسه أيضًا، كما يلهج لسانه اليوم كله. يليق بالمؤمن أن تتهلل نفسه وهو يسبح الله، وأن يشترك جسده أيضًافي البهجة الداخلية.



وَلِسَانِي أَيْضًا الْيَوْمَ كُلَّهُ يَلْهَجُ بِبِرِّكَ.
لأَنَّهُ قَدْ خَزِيَ،
لأَنَّهُ قَدْ خَجِلَ الْمُلْتَمِسُونَ لِي شَرًّا [24].
كان المرتل في يقين أنه يتمتع بالنصرة. يغني بنشيدها وهو بعد في التجربة، متأكدًا أن الله إلهه يهبه إياها.
* لسان الجسد"اليوم كله يتأمل برَّك" [24]، أي، أبديًا بلا توقف. لكن متى يحدث هذا؟ فيما بعد عند نهاية العالم، عند قيامة الجسد وتحوله إلى حالة ملائكية .
القديس أغسطينوس

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 118 | مزمور أو تسبحة جماعية شخصية
مزمور 68 | يهبنا النصرة
مزمور 60 - من التشتيت إلى النصرة
مزمور 24 - كلي النصرة
مزمور 13 - أغنية النصرة


الساعة الآن 04:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024