رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العنوان لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. لِدَاوُدَ لِلتَّذْكِيرِ اَللهُمَّ إِلَى تَنْجِيَتِي يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ [1]. الصلاة النقية هي أسرع رسالة يمكن أن ترتفع من القلب إلى السماء وفي لمح البصر تنعم بالاستجابة الإلهية، أكثر مما تسأل وفوق ما تطلب. أحيانًا يؤجِّل الرب الاستجابة لكي نتزكى أمامه إننا واثقون في حكمته وتدبيره، كما يزداد بالأكثر شوقنا إلى مراحمه العذبة. * بخصوص هذا التدبير (نظامالصلاة الدائمة)، إذا قارنته بتعليم الأطفال (الذين ليس لهم القدرة أن يتلقنوا الدروس الأولية الخاصة بالحروف الهجائية، لكنهم يتعرفون على شكلها، ويتدربون على رسمها قدر ما يستطيعون، حيث تُقدَّم لهم نماذج منها على الشمع...) هكذا يلزمني أن أقدم لك شكل التأمل الروحي لتضعه نصب عينيك على الدوام... وتتدرب على التأمل فيه باستمرار لأجل نفعك... حتى تصعد إلى نظرة أعلى. سنعرض عليك طريقة خاصة لبلوغ هذا التدبير الذي ترغب فيه، وتلك الصلاة التي يجدر بكل أحد أن ينفذها لأجل تقدمه الروحي في تذكر الله، متذكرًا هذا التدبير في قلبه بغير انقطاع، طاردًا كل أنواع الأفكار الأخرى. لأنه لا يقدر القلب أن يتمسك به ما لم يتحرر من كل اهتمامٍ خاص بالجسد. لقد سُلِّمت إلينا هذه الطريقة بواسطة قليلين تسلَّموها عن آباء شيوخ حاذقين... فلكي تحتفظ بتذكر الله الدائم ضع قدام عينيك هذه الصلاة الورعة: "يا الله التفت إلى معونتي، يا رب أسرع وأعني" (مز1:70). اُختيرت هذه الآية من الكتاب المقدس كله ليس جزافًا، إنما تحمل كل المشاعر التي يمكن أن توجد في الطبيعة البشرية، وتتفق مع كل الظروف والأخطار التي تحلّ بنا. فهي تحمل تضرعًا إلى الله من أجل كل الأخطار، وتحمل اعترافًا ورِعًا مملوء انسحاقًا واهتمامًا يقظًا ومخافة دائمة. إنها تحمل إحساس الإنسان بضعفه، مع ثقة في الاستجابة، وتؤكد بأن المعونة حاضرة وسريعة، لأن الإنسان إنما يدعو الله الحاضر معنا على الدوام لكي يعينه. إنها تحمل تأجج حب ومحبة، وتحمل فهمًا بخصوص مؤامرات الأعداء (الشياطين) ومهالكهم. فمن يرى نفسه محوطًا بهم ليلًا ونهارًا يعترف بعجزه عن التحرر منهم بغير مساعدة معينة. هذه الآية حصن منيع للذين يتعبون من هجمات الشياطين، ودرع حصين، فهي لا تسمح للذين يسقطون في اكتئاب وقلق فكري أو المتضايقين بالحزن أو المهمومين بالقنوط وكل أنواع الأفكار المشابهة، أن ييأسوا من وجود علاجٍ شافٍ، إذ تُعلِن أن الله الذي نتضرع إليه ناظر إلى صراعنا على الدوام، وليس ببعيد عن سائليه. إنها تنذرنا نحن الذين نصيبنا هو النجاح الروحي وبهجة القلب، فلا ننتفخ قط لسعادتنا، إذ تؤكد لنا أنه لا يمكننا أن نعيش بدون الله حافظنا... هذه الآية هي معين، ونافعة لكل واحد منا مهما كانت أحواله، لأن الإنسان يحتاج في كل أموره إلى معونة. محتاج إلى مساعدة الله، ليس فقط في الأحزان والضيقات، بل وأيضًا في النجاح والأفراح، حتى يُنقَذ من الأولى ويستمر في الثانية. لأن الضعف البشري يعجز عن أن يحتمل كليهما بغير معونة الله . الأب إسحق * سنعرض عليك هذه الطريقة لبلوغ ذلك التدبير الروحاني الذي تهواه كل نفس تسعي لتذكر الله علي الدوام مع ضبط العقل. أول كل شيء انسَ نفسك واترك أفكارك وهيا تقدم معي نحو الله عاريًا من كل اهتمامات الجسد، وثق أن الطريق الذي ستسير فيه اجتازه آباؤنا الشيوخ الذين تمكنوا من معرفة أسرار الروح. عليك بهذه الصلاة: "يا الله التفت إلي معونتي. يا رب أسرع وأعني". أما هذه الآية فلم تنتخب جزافا" بل بعد خبرة لأنها تتوافق مع كل ظروف الحياة البشرية. فهي تحمل تضرعًا إلي الله مقابل كل الأخطار والضيقات وتحمل أيضًا اعترافًا منسحقًا بالعجز واهتمامًا متيقظًا ومخافة دائمة فهي تشير إلى إحساس الفرد بضعفه مع ثقة في الاستجابة وتأكيد بأن المعونة حاضرة سريعة، وهي تشير خفيًا إلى قرب الله منا وأنه كل حين حاضر معنا يستمع إلينا. الأب اسحق تلميذ أبا أنطونيوس الكبير لِيَخْزَ وَيَخْجَلْ طَالِبُو نَفْسِي. لِيَرْتَدَّ إِلَى خَلْفٍ وَيَخْجَلِ الْمُشْتَهُونَ لِي شَرًّا [2]. طبيعة الخطية أن تُقدِّم الخزي لصانعها، وإن لم يتب يلحقه الخزي على مستوى أبدي. طلبته هنا ضد طالبي نفسه تميل بالأكثر إلى النبوة عما سيحل بهم، وليس إلى لعنة تصدر منه ضدهم. لِيَرْجِعْ مِنْ أَجْلِ خِزْيِهِمُ، الْقَائِلُونَ: هَهْ! هَهْ! [3]. من أكثر الأسلحة التي يستخدمها الأشرار ضد أولاد الله هي السخرية بهم واحتقارهم. هذا ما فعله العالم بمخلصه، فكم بالأكثر بالكارزين به! السخرية ليس بالأمر الجديد، فهي لغة الأشرار في حديثهم مع الصديق، لكي يتزكى الأخير باتزانه وثباته كالصخر أمام زوابع لا حول لها. كلمة "هَهْ" تكررت في مز 35: 21، 25، وهي تعبير عن نوعٍ من السخرية يرى القديس أغسطينوس إن القول: "هَهْ! هَهْ"، يصدر إما من الذين يسخرون من المؤمنين، أو الذين يتملقونهم بكلمات مديح معسول. وَلْيَبْتَهِجْ وَيَفْرَحْ بِكَ كُلُّ طَالِبِيك،َ وَلْيَقُلْ دَائِمًا مُحِبُّو خَلاَصِكَ: لِيَتَعَظَّمِ الرَّبُّ [4]. بينما يسخر طالبو نفس الصديق به، يُسَبِّح الصديق الرب ويعظمه على عمله الخلاصي، ويفرح به. لم يكن ممكنًا لسجن فيلبي الداخلي أن يسحب قلبي بولس وسيلا من أفراح السماء! أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَفَقِيرٌ. اللهُمَّ أَسْرِعْ إِلَيَّ. مُعِينِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. يَا رَبُّ لاَ تَبْطُئ [5]. المسكنة من أجل الرب تجعله يسرع إلى الخلاص ولا يتباطأ. المسكنة بالروح والفقر الاختياري من أجل الرب هما جناحا الصلاة لتبلغ إلى حضن الله وتغتصب مراحمه العظيمة. لا يستطيع غِنَى العالم ولا كراماته أن ينزع عن الصديق شعوره بالمسكنة والفقر، إذ لا يجد ما يغنيه ويعزيه سوى مراحم الله الفائقة. * ماذا يعني: "لا تبطئ"؟ لأن كثيرين يقولون، إنه يوجد وقت طويل حتى يأتي المسيح. ماذا إذن، هل سيأتي قبل الأوان الذي عيَّنه عندما نقول: "لا تبطئ"؟ ماذا تعني هذه الصلاة "لا تبطئ"؟ ليت مجيئك لا يبدو لي إنه يتأخر كثيرًا. فإنه بالنسبة لكم يبدو أنه يتبقى زمن طويل، أما بالنسبة لله الذي ألف سنة عنده كيومٍ واحد أو هزيع من ثلاث ساعات فهو ليس بزمن طويل. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 100| العنوان |
مزمور 97 | العنوان |
مزمور 71 | العنوان |
مزمور 61 - العنوان |
مزمور 57 - العنوان |