رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اعتمد يسوع كي يتضامن مع الخطأ لم يبدا يسوع رسالته العلنية معلنًا انه المسيح المنتظر الذي جاء لهزيمة الشر بقوته، ولكنه جاء وضعًا نفسه بجانب الإنسان ويتضامن مع الناس الخاطئين، لانَّ الحب يُلغي المسافة بين الله والخاطئ. جاء يسوع واعتمد ليس من أجل نفسه، بل من أجلنا نحن البشر. غطس المسيح في مياه الأُردُنّ، لكي نستطيع الغطس معه والخروج منها، أحياء، مولودين من جديد من الماء والروح. لم يحتاج يسوع إلى توبة، ولم تكن لديه خطايا للاعتراف بها، لأنَّه لم يخطئ قط، ومع ذلك أخذ بخضوعه للمعمودية مكان الخاطئ، واعترف بخطيئة الشعب مثلما فعل وموسى ودانيال ونحميا وعزرا. وهكذا تعمّد يسوع ليتضامن مع الخاطئين، فوحّد نفسه مع عامة الشعب، كما تنبأ عنه أشعيا "أُحصِيَ مع العُصاة وهو حَمَلَ خَطايا الكثيرين وشَفَعَ في مَعاصيهم" (أشعيا 53: 12). فقد جعل نفسه واحداً معنا في بشريتنا، وحمل على نفسه خطايانا، كما ورد في الكتاب المقدس " لِأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه "(لوقا 19: 10). اعتمد يسوع ليرى العالم فيه المسيح المُرسل الذي يتضامن مع الخاطئين وعامة الشعب. فالمسيح أسس سر المعمودية، فمن خلال هذا العماد يدخل المعتمد إلى حياة الله التي ظهرت بيسوع المسيح، فكل معمَّد بعد ذلك حين نزوله للماء وصعوده منه يموت مع المسيح ويقوم معه. ويدخل يسوع على حياة المعتمد، فيصبح الاثنان شخصاً واحداً. وفي هذا الصدد يُعلق القديس غريغوريوس النازيانزي" أعتمد المسيح، فننزل معه إلى جرن المعمودية، حتى نصعد معه أيضا" (الخطاب 39 في الأنوار المقدسة). وشهد صوت الآب أن يسوع الذي يضع نفسه في عداد الخاطئين هو ابن الله في الواقع. "هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي عَنه رَضِيت" (متى 3: 17). يجمع متى الإنجيلي في يسوع ابن الله وابن الإنسان الذي اختاره الله للقيام برسالة الخلاص. وقد تمّ هذه الإعلان أيضا وقت التجلي (متى 17: 5). وعماد يسوع هو مثال لعمادنا. أُعلن أنه ابن الله في عماده. ونحن، في قبولنا العماد نصبح حقا أبناء الله وخليقة جديدة. فلا يمكن لأي إنسان أن يعُمّد ذاته، كما أن لا أحد يلد ذاته للوجود، بل يجب قبوله بالدخول في المعمودية. يقول القديس مكسيموس، أسقف تورينو " أعتمد يسوع لا ليُقدَّس بالمياه، بل ليُقدِّس المياه، فيُطهَّر بطهارته كل ما تمسُّه المياه" (العظة 100في عيد ظهور الرب 1: 3). وهكذا تعمّد يسوع لتقديس ينابيع المياه، ولكي تكون المعمودية التي أمر بها المدخل إلى ملكوته، والشرط للالتحاق بكنيسته إذ قال: "ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح (يُوحنَّا 3: 5). يقول القديس كيرلس أسقف الإسكندرية: "لم يُعَّمد يسوع ليُطهر، وإنما ليطهِّر الماء، فإذ نزل إليها المسيح الذي لم يعرف أية خطيئة، صار له سلطان على التطهير، وبذلك فإن كل من يدفن في جرن المسيح يترك فيه خطاياه". ويصرِّح القديس بروقلوس، أسقف القسطنطينية: "مياه المعمودية، بقوة يسوع من تعمّد فيها، تُعيد الحياة إلى الموتى". كقول الرسول بولس: فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمُودِيَّةِ لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة" (رومة 6: 4). وفي هذا الصدد جاء قول العلامة ترتليانوس: "يا لقدرة نعمة المياه في نظر الله ومسيحه لتثبيت المعمودية! لن تجد المسيح بدون المياه!". تعمَّد يسوع ليُقدِّم لنا مثالاً لنتبعه، كما يشهد بولس الرسول: "فقد ظهرت نعمةُ الله، ينبوعُ الخلاص لجميع الناس، وهي تعلمنا " (طيطس 2:11). والآن أخذنا المسيح مثلنا الأعلى، فلنقترب إلى نعمة العماد الأقدس. فيفتح لنا الله الآب أبواب السماوات ويرسل لنا الروح القدس، الذي يقبلنا كأبناء له، "أَنتَ ابنِيَ الحَبيب، عَنكَ رَضيت" (مرقس 1: 11). فالمعمودية تقيم علاقة شخصية مع يسوع المسيح، وتجعلنا أعضاء في جسده السري أي الكنيسة، وتغفر خطايانا وتُعلن بدء حياة جديدة كابن الله وكأخ ليسوع المسيح نفسه، ويؤكِّد ذلك بولس الرسول "أَوَتَجهَلونَ أَنَّنا، وقَدِ اَعتَمَدْنا جَميعًا في يسوعَ المسيح، إِنَّما اعتَمَدْنا في مَوتِه فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمُودِيَّةِ لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة كما أُقيمَ المَسيحُ مِن بَينِ الأَمواتِ بِمَجْدِ الآب؟ (رومة 5: 4)، فمعموديتنا هي سر هذا العبور من الموت مع المسيح إلى الحياة معه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يتضامن يسوع مع البشريَّة المتألمة |
اعتمد يسوع ليرى العالم فيه المسيح المُرسل الذي يتضامن مع الخاطئين وعامة الشعب |
جُرب يسوع كي يتضامن مع الانسان كونه صار إنسانا |
اعتمد على يسوع فهو قادر |
فلما اعتمد يسوع |