منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 01 - 2023, 06:03 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,413

أدرك يونان أن الله هو الذي طرحه في العمق في قلب البحار






"لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاط بي نهر" [3].
أدرك يونان أن الله هو الذي طرحه في العمق في قلب البحار وليس الملاحون، ولكن العجب أنه إذ نزل حتى الأعماق لم يجد نفسه تحت ثقل ضغط مياه البحار ومخاطرها إنما وجد نفسه وقد أحاط به نهر مقدس يرويها ويبهجها بالثمر الروحي المتكاثر، هذا الذي قيل عنه في المزمور: "نهر سواقيه تفرح مدينة الله" (مز 46: 4). في وسط الضيقة المرّة "عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي"، عوض المياه المرّة المالحة يصير لي مياه النهر الحلوة، وعوض ثقل المياه عليَّ تصير المياه محيطة بيّ للبهجة والفرح.
ما هو قلب البحار الذي إنطرح فيه يونان إلى أعماق الصليب المرّ الذي دخل إليه السيد المسيح كذبيحة كفارية عن العالم كله، خلالها فجَّر مياه المعمودية العذبة واهبة الحياة فأحاط به -أي بكنيسته التي هي جسده- نهر، هو نهر المعمودية أي مياه الأردن. سحب هذا المنظر قلوب الأنبياء، فيقول حزقيال النبي عن كنيسة العهد الجديد أو الهيكل الجديد: "ثم أرجعني إلى مدخل البيت وإذا بمياه تخرج من تحت عتبة البيت نحو المشرق...

والمياه نازلة من تحت جانب البيت الأيمن عن جنوب المذبح... وإذا بنهر لم أستطع عبوره لأن المياه طمت، مياه سباحة، نهر لا يُعبر... هذه المياه تأتي إلى هناك فتشفي، ويحيا كل ما يأتي النهر إليه... وعلى النهر ينبت على شاطئه من هنا ومن هناك كل شجر للأكل لا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره، كل شهر يبكر لأن مياهه خارجة من المقدس ويكون ثمره للأكل وورقه للدواء" (حز 47).
لقد طرحت خطايانا السيد المسيح في محبته لنا إلى قلب البحار ليحمل عنا الغضب الإلهي خلال الصليب، محولًا ملوحة البحار إلى عذوبة الأنهار، فيهبنا فيه خلال الصليب ذاته نهر روحه القدوس الذي يروي نفوسنا ويهبها ثمارًا ويمنحها شفاءً! هكذا حمل الصليب صورتين متكاملتين: صورة غضب الله عن الخطية التي كلفت السيد حياته، وصورة حب الله الفائق التي فجرت ينابيع نعمه الفائقة.
يقول القديس چيروم: [بالنسبة للمخلص الرب جاءت الصورة في المزمور: "غرقت في حمأة عميقة وليس مفر، دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني" (مز 69: 3)، كما قيل عنه في مزمور آخر: "لكنك رفضت ورذلت، غضبت على مسيحك، نقضت عهد عبدك، نجست تاجه في التراب، هدمت كل جدرانه" (مز 89: 39)... ومع أنه صار في مياه مالحة إذ جُرب في كل شيء لكنها ليست مالحة (مرّة) بالنسبة له فقد أحاط به نهر كما قيل في موضع آخر: "نهر سواقيه تفرح مدينة الله" (مز 46: 4)].
يُحدثنا القديس أمبروسيوسعن هذا النهر الذي يحيط بنا بكونه الروح القدس الذي يروي أورشليم السماوية الذي أفاض على الكنيسة بالمسيح يسوع المصلوب. [الروح القدس هو النهر، النهر الوفير، النهر العظيم الذي يفيض دومًا بلا انقطاع... فإن أورشليم السماوية لا ترتوي بنهر أرضي بل بالروح القدس].
خلال الصليب تمتعنا بنهر العهد الجديد عوض بئر العهد القديم.

وكما يقول القديس أمبروسيوس: [العهد القديم بئر عميق تُسحب منه المياه بالجهد، لم تكن مملوءة بالكامل، إنما جاء بعد ذلك القائل: "ما جئت لأنقض (الناموس) بل لأكمل" (مت 5: 17)... أما العهد الجديد فليس بنهر فحسب وإنما "تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 38)، أنهار فهم، أنهار تأمل، أنهار روحية(20)].

هكذا إذ يجلس الرب معنا عند البئر كما مع السامرية في وقت الظهيرة أي في لحظات الصليب يُفجر فينا ينابيع مياهه كأنهار حيَّة مفرحة.
يكمل النبي تسبحته على لسان السيد المسيح قائلًا: "جازت من فوق جميع تياراتك ولججك" [3].

ويعلق القديس چيروم على هذه العبارة، قائلًا: [لنبحث كيف جازت التيارات واللجج فوق المخلص... إذ لا يوجد من يقدر أن يحتمل كل التجارب إلاَّ ذاك الذي جُرب في كل شيء... كل الضيقات والأتعاب التي جعلت الجنس البشري يضطرب والتي تكسر كل السفن، جازت على رأسه... لقد أحتمل العاصفة وكل اضطراب حتى يصير الآخرون في هدوء!].
إن كانت اللجج تُشير إلى أحكام الله

كما يقول القديس كيرلس الكبير: [فقد حمل السيد كل أحكام الله ضدنا عليه. انهارت كل الأحكام عليه لتُوفَى في جسده، وكما يقول المرتل: "غمر يُنادي غمرًا عند صوت مَيَازِيبِكَ، كل تياراتك ولججك طمّت عليَّ" (مز 42: 7). بهذا ظهر السيد المسيح موفي الدين كمن هو مطرود من عينيّ الآب مع أنه الشفيع الذي يحمل شعبه إلى المقدسات السماوية. لذلك يكمل النبي حديثه: "فقلت قد طردت من عينيك، لكنني أعود أنظر إلى هيكل قدسك" [4].
إنها صورة واقعية للصليب؛ من جانب ظهر المخلص كمطرود، يصرخ قائلًا: "إلهي إلهي لماذا تركتني" (مت 27: 46). ومن جانب آخر يحمل البشرية في جسده لكي تتمجد معه.
وكما يقول القديس چيروم: [صار الرب كمن هو في موقفك (مطرودًا)... حتى يرفع البشرية لتكون معه حيث يكون هو (يو 17: 2)]. إنه يمارس عمله كرئيس للكهنة الأعظم يدخل إلى هيكل قدسه السماوي حاملًا كنيسته إلى السماويات عينها، كقول الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب 9: 24). ففيما هو مطرود من أجلنا يحملنا فيه لنكون موضع رضى الآب وسروره.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
طرحتنى فى العمق فى قلب البحار
قدم يونان العلاج وهو طرحه في البحر الهائج فيسكن النوء العظيم
السؤال الذي طرحه أحد الفِرِّيسيِّينَ على يسوع
لان طرحتنى فى العمق فى قلب البحار
"لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار فأحاط بي نهر جازت فوقي جميع تياراتك ولججك."


الساعة الآن 02:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024