رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لمل سُئلّ مردخاي عن عدم سجوده "أخبرهم بأنه يهودي" [4] لا يجوز له الاشتراك معهم في هذا العمل. ليس عجيبًا أن يطلب هامان ابادة كل الشعب، فإنه إذ يمثل إبليس بينما يرمز مردخاي للسيد المسيح، فإن عدو الخير لا يطيق شعب المسيح، بكونه مملكة الله. هنا نقف قليلًا لنرى مردخاي كرمز للسيد المسيح، الذي بسببه أراد هامان (إبليس) إبادة كل شعبه. يقول الأب أفراهات بأنه كما كان مردخاي يضطهده هامان الشرير، هكذا كان الشعب الشرير يضطهد السيد المسيح. وكما صلى مردخاي من أجل شعبه ليخلصهم من هامان، يشفع السيد المسيح عن شعبه (بدمه) ليخلصهم من إبليس. وكما خلص مردخاي من مضطهده لم يستطيع المضطهدون أن ينتصروا على السيد المسيح. وكما جلس مردخاي في المسوح وأنقذ شعبه، هكذا نزل كلمة الله وحمل جسدنا كما في المسوح وفي اتضاع خلصنا. بمردخاي صارت أستير مرضية لدى الملك عوض وشتي، وبالمسيح يسوع صارت كنيسة العهد الجديد موضع رضى الآب عوض المجمع اليهودي. وكما حث مردخاي أستير على الصوم مع فتياتها هكذا يحث السيد المسيح كنيسته بكل أولادها على الصوم. أخيرًا نال مردخي مجد هامان، ونودي قدامه: "هكذا يُصنع بالرجل الذي يُسر الملك بأنه يكرمه" (6: 11) وأما يسوع المسيح فتمجد بالمجد الذي له منذ الأزل وقد شهد له الحراس: "حقًا كان هذا ابن الله" (مت 27: 54). اكتشف هامان أن ما يفعله مردخاي لا يقوم على عداوة شخصية وإنما على أساس روحي تقوى لهذا ظن أنه لا علاج لهذه المشكلة إلاَّ بإبادة الشعب كله. يرى القديس جيرومأن كلمة "هامان" تعني (ظلمًا)؛ الآن إذ اشتعلت نيران الظلم غضبًا فإنها إنما تحرق ذاتها، إذ يقول: [هامان الذي يعني (ظلمًا) احترق بالنار التي أشعلها بنفسه]. هنا يليق بنا أن نؤكد أن ما فعله مردخاي من عدم سجود لهامان لم يكن عن كراهية أو عداوة في داخل قلبه ولا عن كبرياء، وإنما كما قال في صلاته الواردة في تتمة أستير: "إنك تعرف كل شيء وتعلم أنيّ لا تكبرًا ولا احتقارًا ولا رغبة في شيء من الكرامة فعلت هذا أنيّ لم أسجد لهامان العاتي، فإني مستعد أن أقبل حتى آثار قدميه عن طيب نفس لأجل نجاة إسرائيل، ولكن خفت أن أحول كرامة إلهي إلى إنسان وأعبد أحدًا سوى إلهي" (13: 12-14). إنه لا يستنكف أن يقبل آثار قدمي هامان لأجل خلاص إخوته، هكذا يتسع قلبه حبًا ويمتلئ اتضاعًا، لكنه لا يقبل أن يعبد غير الله! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|