حلم يوسف أن حزمًا قد أحاطت بحزمته وسجدت لها، كم حلم أن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبًا قد سجدت له، فأدرك إخوته أنه يملك عليهم، وهم يخضعون له... وعوض أن يسمعوا لصوت السماء فينفتح قلبهم له "ازدادوا أيضًا بُغضًا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه" [8] وامتلأوا حسدًا [11]، وكأنهم بالكرامين الأشرار الذين "لما رأوا الابن قالوا بينهم: هذا هو الوارث، هلموا نقتله ونأخذ ميراثه" (مت 21: 38). أعلنت السموات مجده فازداد الأشرار من نحوه شرًا، فإذا بالله الصالح يخرج من الشر خيرًا، ويحوّل تصرفاتهم إلى طريق لإتمام خطته الإلهية.
"حسده إخوته وأما يعقوب فحفظ الأمر" [11]. أدرك يعقوب أنه يخضع لابنه في مجده... وربما كان الأمر يمثل سرًا لم يكن قادرًا على إدراكه في ذلك الحين، فحفظ الأمر في قلبه مترقبًا في صمت وتأمل أعمال الله وتحقيق مواعيده. هكذا يعيش أُناس الله يحفظون في قلبهم وفكرهم إعلانات الله ويتأملون معاملاته كما قيل عن القديسة مريم: "وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها" (لو 2: 51).