رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الانتظار في المكان الخطأ تدهور سريع، ذلك الذي حدث للوط؛ فبعد أن كان لقبه هو“السائر مع أبرام”، ومكانه هو خيمة أبرام المتنقلة؛ حيث الشركة مع الله والتمتع بوعوده، انفصل لوط عن عمه، ورفض اختيارات إله عمه، فنقرأ «فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، ورَوحَن لوط اختياره للمكان الخطأ بغلاف روحي وكتابي (كعادة المتدينين الشكليين)، فوصف سدوم وعمورة أنها «كَجَنَّةِ الرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ... وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا» (تكوين ١٣: ١٠-١٣). ورغم أن كل الدلائل كانت تؤكد أن لوطًا في المكان الخطأ، وكان يعيش قصة عذاب يومية، وصفها الرسول بطرس «إِذْ كَانَ الْبَارُّ، بِالنَّظَرِ وَالسَّمْعِ وَهُوَ سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، يُعَذِّبُ يَوْمًا فَيَوْمًا نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَة» (٢بطرس ٢: ٨)، إلا أننا نقرأ عن لوط «فَجَاءَ الْمَلاَكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ» (تكوين ١٩: ١). فلوط المُعذَّب كان يجلس في باب مدينة سدوم؛ وهو مكان قضاة المدينة الذين يحكمون بين الناس، ولا أعلم ماذا كان ينتظر لوط هناك؟ هل كان ينتظر أهل سدوم الفُجار أن يأتوا إليه طالبين مشورة أو حُكمًا، وهم من شذوا عن قوانين الطبيعة، ورفضوا كل نواميس الله؟ هل كان ينتظر ترقية أو إكرامًا من أهل سدوم له، وهم من يحتقرونه ويستهزئون بقصة وصوله لهم، وقالوا عنه بعد ذلك «جَاءَ هذَا الإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا ...» (تكوين ١٩: ٩)؟ أم كان لوط ينتظر زيارة إلهية مثلما فعل الرب مع عمه إبراهيم، وأن يشاركه الله في بعض الأسرار التي تخص سدوم؟! فيا له من انتظار خاطئ. وهكذا يفعل كثير من المؤمنين، حين ينتظرون أمورًا قد تكون جيدة وهم في المكان الخطأ، بل ويلومون الله على إحباط طموحاتهم وإخماد أحلامهم، غير مُدركين أن الخطأ ليس عند الله، ولكن الخطأ في مكان انتظارهم هم، وعليهم أن يصوبوا مسارهم الروحي أولاً، قبل انتظار أي شيء جيد ثانيًا، فتتم الكلمات «إِنْ رَجَعْتَ إِلَى الْقَدِيرِ تُبْنَى. إِنْ أَبْعَدْتَ ظُلْمًا مِنْ خَيْمَتِكَ ... لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِالْقَدِيرِ وَتَرْفَعُ إِلَى اللهِ وَجْهَكَ، تُصَلِّي لَهُ فَيَسْتَمِعُ لَكَ، وَنُذُورُكَ تُوفِيهَا» (أيوب ٢٢: ٢٣-٢٧). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|