تحيَّر النبي حبقوق متألمًا بسبب الحالة المتردية التي وصلت إليها مملكة يهوذا المحبوبة إلى قلبه. كان يرى شرور شعبه الكثيرة، بل ويرى الويلات القادمة عليهم، تألم من سلوكهم وتألم أكثر أن شريعة الله لا يُعمل بها ولا حتى أصبح لها تقديرًا «جَمَدَتِ الشَّرِيعَةُ وَلاَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ بَتَّةً لأَنَّ الشِّرِّيرَ يُحِيطُ بِالصِّدِّيقِ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ مُعْوَجًّا» (حبقوق٤:١).
وجاء حبقوق بحيرته وسكبها، ونفَّس عن الغليان والوجع الذي بداخله أمام الله، حائرًا سائلاً الله: هل تسمع يا رب؟ وحتى متى أنت لا تُخلِص؟ وحتى متى تترك الشرير يعيث فسادًا هنا وهناك؟ بل تساءل سؤالاً آخر في غاية الخطورة: «فَلِمَ تَنْظُرُ إِلَى النَّاهِبِينَ وَتَصْمُتُ حِينَ يَبْلَعُ الشِّرِّيرُ مَنْ هُوَ أَبَرُّ مِنْهُ» (حبقوق١٣:١).
كم أنت متحير يا حبقوق ومُتعَب وممتلئ بالتشوش. وهكذا كثيرًا ما كنت أنا وأخوتي مثلك. لكنني أحييك أيها التقي الحائر أنك ذهبت بصراخاتك وحيرة قلبك إلى الله، متممًا قول الوحي الإلهي «اسْكُبُوا قُدَّامَهُ قُلُوبَكُمْ. اللهُ مَلْجَأٌ لَنَا» (مزمور٨:٦٢).