لنلاحظ جيداً أنه لئن كان المراهق يستطيع اكتشاف "الأنا" بهذه القوة ويقوى على الإنفراد بها بتلك الرغبة القوية، فانه، خلافاً للطفل الذي ينهمك بكل لحظة من لحظات وجوده المتتابعة، قادر على أن يزدوج بشعوره فيتأمل ذاته في خلوته بنفسه. انه قادر بالتالي على المسير صعوداً في مجال الزمن نحو الماضي المغرب وعلى الشعور بوحدة ذاته في الديمومة.
إلا أن هذا الإنطواء على الذات هو بعيد في الواقع عن الإنفصام (Autisme)الذي يظهر في بعض الحالات المرضية التي ينقطع فيها المريض عن العالم الخارجي فينطوي على أفكاره الخاصة يجترها ويتأمل فيها دون انقطاع. ولئن كان المراهق يعتني بحياته الخفية القائمة في ذاته بمحبة وعذاب، فانه يعي بالمقابل الأوضاع الإجتماعية ويشعر بضرورة ملحّة لتثبيت شخصيته في المحيط الذي يعيش فيه. ولكن هذا التثبيت بالنسبة لشخصية في طريق التكون هو في الواقع أخذ وضع سلبي ومناهض، فتكون المراهقة هكذا سن المعارضة أيضًا.