قلبَ المسيح المقاييس والموازين. فهناك يتصدر إِبراهيم أبو المؤمنين وليمة، ويتكئ إلى جانبيه في مركز الكرامة لعازر الفقير. فغدى لعازر غَنِيٌّا، والغَنِيٌّ فقيراً يتوسل نقطة ماء بارد " يا أبتِ إِبراهيم ارحَمنْي فأَرسِلْ لَعاَزر لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصبَعِه في الماءِ ويُبَرِّدَ لِساني" (لوقا 16: 24).
وكأن كلمات سفر الحكمة تتحقق على لسان الغَنِيٌّ "هُوَذا الَّذي كُنَّا حينًا نَجعَلُه ضُحكَةً ومَوضوعَ تَهَكُّمٍ نَحنُ الأَغْبِياء! لقَد حَسِبْنا حياتَه جُنونًا وآخِرَتَه عارًا فكَيفَ أَصبَحَ في عِدادِ بَني الله وصارَ نَصيبُه مع القِدِّيسين لقَد ضلَلْنا عن طَريقِ الحَقَ ولم يُضِئ لَنا نوُر البِرّ ولم تُشرِقِ الشَّمسُ علَينا" (حكمة 5، 4-7). فالغَنِيٌّ قد استوفى نصيبه من خيرات الأرض كما ذكّره إِبراهيم (لوقا 16: 25)؛
ويعلّق القديس أمبروسيوس "صار الغنى فقرًا، والفقر غنى. فقد صار الغَنِيٌّ في عذاب إذ حُرم من الملذّات بعد أن كان مترفًا، وهو الآن يتوق في الجحيم أن يبّل الفقير طرف إصبعه بماء ويبرِّد لسانه. أنه محتاج إلى الماء غذاء الروح وقت البليَّة".