فقالَ إِبراهيم: يا بُنَيَّ، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلتَ خَيراتِكَ في حَياتِكَ
ونالَ لَعاَزرُ البَلايا. أَمَّا اليَومَ فهو ههُنا يُعزَّى وأَنت تُعَذَّب.
" يُعزَّى وأَنت تُعَذَّب" فتشير إلى مبدأ انقلاب الأوضاع والأدوار بعد الموت حيث يُصبح الغَنِيٌّ فقيراً، والفقير غَنِيٌّاً، والسعيد شقيَّاً، والشقي سعيدا، وينال الفقير سعادته، وينال الغَنِيٌّ عقابه. وهنا نجد تفسير حيّ لوعظة يسوع " طوبى لَكُم أَيُّها الفُقَراء، فإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ الله "، " لكِنِ الوَيلُ لَكُم أَيُّها الأَغَنِيٌّاء فقَد نِلتُم عَزاءَكُم" (لوقا 6: 20، 24). وهذا ما يؤكده نشيد تعظم "أَشَبعَ الجِياعَ مِنَ الخَيرات والأَغَنِيٌّاءُ صرَفَهم فارِغين" (لوقا 1 53). لا يقصد الرب يسوع بالمثل أن الآخرة هي مجرد عكس للأوضاع الأرضية أي أن الغنى يؤدِّي حتما إلى العذاب والفقر. لكن لعازر يتعزَّى، لأنه متكلٌ على الله، أما الغَنِيٌّ فقد كان أنانياً كافرا وكان متكل على كبريائه وسعادته. الحكم على الغَنِيٌّ ليس فقط بسبب غناه، بل لأنه بغناه حجب نفسه عن أخيه المحتاج وقطع أيّة صلة به، وكأن الله يحاسبه على خير لم يعمله وليس على شر اقترفه. وفي هذا الصدد يقول يعقوب الرسول "لأَنَّ الدَّينونَةَ لا رَحمَةَ فيها لِمَن لم يَرحَم"(يعقوب 2: 13). الموت يقلب الموازين، فيصبح الثري شقيًّا والفقير سعيدًا في الآخرة. وفي هذه الآية يقطع أبونا إِبراهيم رجاء الغني في النجاة. إنَّ كلَّ واحدٌ يحصل على مكانه الّذي بناه بيديه أثناء حياته الأرضية وبالتالي نصيبه الّذي استحقّه.