رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رب القوات واهب القوة: "الله لنا ملجأ وقوة ومعين في الأحزان التي أصابتنا جدًا" [1]. حينما تشتد الأحزان سواء بسبب الأعداء الظاهرين كما حدث عندما حاصر جند سنحاريب ملك أشور أورشليم في أيام حزقيال، أو بسبب الأعداء الخفيين مثل الخطايا، فإننا نجد في الله ملجأ لنا وقوة ومعينًا إن كنا مقدسين له، ننعم بالشركة معه. هذه هي تسبحة الكنيسة المتحدة بالمسيح رأسها، فيه تختفي وبه تقاوم الشر! يقول القديس باسيليوس الكبير: [إن كثيرين ينطقون بهذا الكلام بأفواههم لا بقلوبهم، والدليل على ذلك إنهم إذ يسقطون في ضيقة يسرعون إلى وساطات بشرية لا إلى الله]. ماذا تجد الكنيسة في ملكها المحارب؟ أ. "ملجأ": إنها مُستهدفة لهجوم مستمر من عدو الخير، لذا تحتاج إلى ملجأ دائم، قادر أن يحصنها. ب. "قوة": لئلا يُفهم أنها تقف في سلبية بهروبها إلى الله ملجأها، يقدم ذاته قوة لتعمل به، فتقول مع الرسول: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في 4: 13). ج. "معينًا": إذ يهبها ذاته قوة، يقف بجوارها بل وفي داخلها كمعين لها، يعمل معها. يسمح لها بالتجارب، ويعينها وسط أحزانها حتى تبقى نامية ومتقدمة في نضوج. كثيرة هي الأحزان، وفي كل حزن يلزمنا أن نهرب إلى الله، سواء كان الحزن يمس عقارنا أو صحة جسدنا أو كارثة لمن هم أعزاء علينا جدًا أو تمس أمرًا آخر خاص بضروريات هذه الحياة، فإنه بالنسبة للمسيحي لا يليق مطلقًا الالتجاء إلى آخر غير مسيحه، غير إلهه، الذي إذا ما هرب إليه يتقّوى. ولكن أيها الأعزاء المحبوبين، من بين كل الأحزان التي تلحق بالنفس البشرية ليس حزن أخطر من الشعور بالخطية. القديس أغسطينوس "من أجل ذلك لا يخشى إذا تزعزعت الأرض،وانتقلت الجبال إلى قلب البحار. عجت مياهها واضطربت، تتزعزع الجبال بعزته" [2-3]. يتطلع الإنسان إلى الأرض بكونها الحاملة له، إن تزعزعت يفقد حياته وكيانه، كما يتطلع إلى الجبال بكونها راسخة من يقدر أن يحركها؟! إن اشتدت الضيقة جدًا حتى شعر المؤمن كأن الأرض تتزلزل تحت قدميه وما كان يظنه راسخًا قد انهار كالجبال الساقطة في المحيطات، لا يخف لأن إلهه هو خالق الطبيعة كلها! لعله قصد بالأرض العسكر المحاصرين لأورشليم، وبالجبال القادة العظماء الآشوريين، فإن الله يزعزع هؤلاء ويلقي بأولئك كما في قلب البحار! إن كانت الأرض تُشير إلى الجسد، والجبال إلى الشخصية القوية والمواهب العظيمة، فإن انهار جسدك وظننت أنك قد خسرت الكثير من مواهبك حتى شخصيتك، لا تخف فإن الله مخلصك يقدر أن يقدس جسدك ونفسك وقدراتك ويرد لك كمال شخصيتك بعزته! vلنطلب جبالًا محمولة، فإن استطعنا أن نجدها، فمن الواضح أن فيها آماننا. بالحقيقة قال الرب لتلاميذه: "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انطرح في البحر فيكون" (مت 17: 20؛ 21: 21)... قال عن نفسه "هذا الجبل"، إذ يدْعى "الجبل"؛ "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون مُعلنًا" (إش 2: 2). لكن هذا الجبل يوضع فوق كل الجبال، لأن الرسل أيضًا هم جبال يعملون لحسب هذا "الجبل". لذلك قيل: "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون مُعلنًا، ثابتًا في رأس الجبال" (إش 2: 2). إنه فوق قمم كل الجبال، وعليها يقوم، لأن الجبال تكرز "بالجبل". ويشير البحر إلى هذا العالم... بمعنى أن هذا الجبل الذي هو "أنا نفسي" يُكرز به بين الأمم، ويتمجد بينهم وتتحقق النبوة عني: "شعب لم أعرفه تعبد لي" (مز 18: 43). * "عجت المياه واضطربت" [3]. عندما كُرز بإنجيل، ماذا حدث؟ لقد ظهر عند الأثينيين أنه يُنادي بآلهة غريبة (أع 17: 18)؛ أما الأفسسيون فقاموا بشغب ليقتلوا الرسل (أع 19: 34)، وكانوا هائجين يصرخون: "عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين!". القديس أغسطينوس جبال الله شيء، وجبال العالم شيء آخر،جبال العالم هم أولئك الذين رأسهم الشيطان، وجبال الله هم أولئك الذين رأسهم المسيح. أولئك (جبال العالم) يهزمهم هؤلاء، عندئذ يصوتون ضد المسيحيين. عندما تهتز الجبال تعج المياه... وتحدث زلزلة، ويضطرب البحر؛ ولكن ضد من؟ ضد الكنيسة المؤسسة على الصخر! القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 60 - شكره لله واهب النصرات |
مزمور 57 - الصليب واهب القوة، والفرح، والمجد |
مزمور 56 - مزمور شكر لله واهب الخيرات |
مزمور 46 - رب القوات واهب النصرة |
مزمور 46 - رب القوات واهب البهجة |