رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موقف رافائيل الملاك من الأب وابنه أُرسل رافائيل كرسول من قبل الله، وقد أخفى شخصيته لكي يسمح لمن يتعامل معه أن يكون حرًا في تفكيره، وكي لا يرتعد منه كرئيس ملائكة. * الملاك الذي أُرسِل ليصنع لطفًا مجانيًا، فرح بفكرهما بخصوص أجرته. قال لطوبيت ولطوبيا: "لماذا تفكران في أجرتي بإفراط زائد؟ احتفظا بما وهبه الآب السماوي لكما. أنا أداة للشفاء، والله هو معطي الشفاء. إنكما لستما تعلمان من هو الخادم الذي ساعدكما لتتمتعا. إنكما لم تخافا من دفن الموتى في السبي. طوبيت، هوذا أعمالك قد صعدت إلى الربّ، لأنك تركت المائدة لتضع الموتى في راحة. لقد أحضرت لكما تقدمات ثمينة للربّ بسبب الدفن الوقور الذي قمتما به. إنني أُرسلت كعاملٍ في السوق السماوي. أنتما الاثنان دفنتما ميتًا ولم تخافا من شوكة الموت. لقد دافع المدفون عنكما بقوةٍ بصوتٍ صامتٍ. العمى الذي تمّ لاختبارك، جعل صبرك يقدم زينة بهية من السماء. أنا رافائيل، أحد السبعة ملائكة الذين يقفون أمام مجد الربّ (طو 12: 15). إنني لست في حاجة للتمتع بأجرة بشرية. إني خُلِقت غنيًا بسكناي في مجده الإلهي. الذي أرسلني غني، هو يأمر بأن تُصرَف عطاياه مجانًا... أرجو ألاَّ تُقَدِّما لي كرامة الشكر، لأنكما لم تنالا مني شيئًا بقوتي. مبارك الله، اشكراه، ومجداه، لأنه صنع معكما أمورًا صالحة". * أخفى الملاك اسمه عنهما. لقد قال: "أنا عزارياس بن حننياس العظيم" (راجع طو 5: 18). لم يقل أنا الملاك رافائيل. بالاسم الأول أخفى جلاله حتى لا يجعل مستأجريه في رعبٍ. لو قال: "أنا ملاك"، لما كان طوبيت استأجره. احتفظ بجلال اسمه، حتى يتضح في النهاية عظمة جلاله. انظروا أيها الأعزاء كم هي عظمة استحقاق عمل الصدقة. لقد تأهَّل (بالصدقة) امتياز أن يكون الملاك مثل عاملٍ يخدمه. انظروا فائدة دفن الموتى. إن هذا جعل تقدمته تصعد إلى العظمة السماوية خلال الملاك رافائيل. ها أنتم ترون الصدقة تُخَلِّص من الموت، وتُطَهِّر من الخطايا. إنها حقَّقت تطهير العينين. إنها خلَّصت من ظلمة الخطايا. شكرًا للملاك، إذ قاد طوبيا في الطريق، وسارة تزوجت، هذه التي فقدت رجالاً كثيرين[9]. * أُعطي لنا خادم الله القديس طوبيت بعد استلام الشريعة كمثالٍ، حتى متى حلَّت تجربة لا نتوقَّف عن مخافة الله، ولا نضع رجاءنا في نوال المعونة من مصدر آخر غيره، واضعين في ذهننا المكتوب: "كنت فتى والآن شخت، ولم أرَ صديقًا تُخلّي عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزًا" (مز 26: 25). فمن يترجَّى الله بكل ذهنه لن يُخدَع أبدًا. حتى إن كانت التجارب تثور إلى حين خلال مناورات إبليس، فمن أمثلة القديسين تعلمنا أن هذه الأمور تحدث بسماحٍ من الله، فقط لأجل زيادة أكاليلنا. إننا إذ نحتمل التجارب برباطة جأش ننال هنا تعزية عاملة فينا، وفي الحياة العتيدة ننال حياة أبدية مع مجدٍ. إن ربنا عادل وليس عنده محاباة الوجوه (رو 2: 11). إنه يسمح لنا أن نُمتحَن لأنه يحبنا، حتى يهبنا مكافاءات كثيرة بعد المعاناة. حقًا عندما صلَّى الرسول كي ينزع الرب تجاربه، قال له الربّ: "تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل"، وكان ردّ الفعل عند هذا الرسول: "حيث أنا ضعيف فأنا قوي". كما قال: "إني أفرح في تجاربي كي تسكن فيّ قوة المسيح" (2 كو 12: 9-10). ليخبرنا الكتاب المقدس كيف كان القديس طوبيت جديرًا بالمديح. إذ لم يُحجم السبي من إخلاصه، ولم ينزع عماه بركة الله. وقلة موارده لم تُحد طريق البرّ والحق (طو 1: 3). بالحقيقة الاحتياج امتحنه وأكّد أنه بار، وأوضح أنه عادل يحفظ نزاهته، حيث حلّ فقره أبرز إخلاصه وكمال برّه. فإن الأمور التي تُسَبِّب نقصًا في (إخلاص البعض)، جعلت طوبيت يتأهَّل بالأكثر في الفضيلة. يُقَال إن الاحتياج يذل الإنسان، ومن يصير في مذلةٍ لا يستطيع أن يحفظ البرّ. أما نفس طوبيت فقد اعتمدت على الله، ولم يكسرها السبي، ولا أذلها الاحتياج، إذ كان يدفن جثث المقتولين بالرغم من قانون المنع لممارسة ذلك. كان متأكدًا من سخاء الله، فكان مُترفِّعًا حتى مع قلة إمكانياته، مُدرِكًا أن الله يُفَضِّل الحنو حتى بالأمور البسيطة. وذلك كما فعلت الأرملة التي مدحها الربّ في الإنجيل (لو 21: 2-4). فالإنسان المُخْلِص بالحقيقة الذي لا يشك في وعود الله، يعطي بسخاء من القليل الذي لديه. لذلك كان قلب طوبيت مملوءً بالرجاء في الحياة العتيدة، تكرَّس لله بقوة وشجاعة أثناء المحنة، مظهرًا أن من كان في عوزٍ يلزمه أنه يكون أكثر يقظة في مخافة الربّ. فإن كان العوز لا يدفع الإنسان أن يطلب عون الله بقوة، كيف يمكنه ذلك متى كان في أمانٍ؟!... بالحق إن الكوارث التي تصيب المؤمنين سواء كانت ضيقات أو إهانات علامة نوال المكافآت العتيدة. لهذا فإن البار طوبيت أرضى الله، فنال استحقاقاته للمكافأة المضاعفة. ففي الحياة الحاضرة شُفِي بواسطة وكالة الملاك، أي نال النظر الذي فقده، وأيضًا اغتنى بالمصادر النافعة في هذه الحياة. وبالنسبة للمستقبل صار وارثًا لملكوت السماوات. وذلك لكي نتعلَّم أنه عندما يطيع البعض شرائع الله بكل قلبهم ولا يشكّوا في وعوده، غالبًا ما يزيدهم الله من مواردهم في هذا العالم، ويهبهم الحياة الأبدية في العالم القادم. يوجد أيضًا أمر آخر يدفعنا إلى الطاعة لشرائع الله. فالقديس طوبيت لم ينل فقط المكافأة عن برّه، إنما يُضَاف إلى ذلك أنه نال مجدًا خلال الأعمال الصالحة التي يمارسها الذين يتمثَّلون به. فالذين يكونون قدوة يُمدَحون خلال الذين يتمثَّلون بهم. هذا يمكن أن يحدث لنا إن سلكنا في طريق يجعلنا قدوة أيضًا. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|