رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زوال الحياة البشرية: إذ صمت لسان المرتل عن أن ينطق بكلمة مع الشرير المقاوم له تكلم قلبه مع إلهه، ودخل في حوار حتى مع نفسه، فاكتشف وسط آلامه حقيقة الحياة البشرية، من جهة ضعفها وقصرها... هذه الحقيقة يعرفها كل بشر، لكن شتان بين المعرفة العقلانية البحتة وبين قبوله كإعلان إلهي فعّال في أعماقه الداخلية، لذا يصرخ المرتل، قائلًا: "عرفني يا رب نهايتي، وعدد أيامي كم هي، لكيما أعلم ماذا يعوزني" [4]. إن قدرًا كبيرًا من الحكمة يقوم على تذكر أن حياتنا على الأرض أشبه بالخيال، وأن أعظم الأعمال إن لم تهيئنا للعالم الأفضل الأبدي هي أدنى بكثير من اشتياقات الإنسان التقي. لذا كثيرًا ما يكرر الكتاب المقدس قصر الحياة الزمنية، فيقول الرسول بولس: "الوقت مقصر" (1 كو 7: 29) كحقيقة هامة تمس إيماننا الحيّ وكياننا الأبدي. هنا لا يطلب المرتل داود أن يعلن له الله عن زمان انتقاله بل أن يمنحه تذكرًا دائمًا ومعرفة وتقديرًا حسنًا لقصر أيام غربته ليصير إنسانًا أفضل وأكثر حكمة. يرى القديس أمبروسيوس أن المرتل هنا يتعجل نهاية حياته الزمنية طالبًا نهاية الوعد الإلهي ليرى وضعه الأبدي، حين يقوم كل واحد في رتبته؛ المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه (1 كو 15: 3). * "عرفني يا رب نهايتي"؛ فإننا لا نبقى هنا حيث التجارب والضيقات، إذ يلزمنا أن نحتمل أناسًا ينصتون إلينا ويقاوموننا لأتفه الأسباب. "عرفني نهايتي"، تلك التي لم أدركها بعد (الموت)، لا حقبة الحياة (الزمنية) التي هي بالفعل قدامي. * النهاية التي يتحدث عنها هي تلك التي ثبّت الرسول عينيه عليها في حقبة حياته، معترفًا بضعفه، مدركًا في نفسه التغيّر في الأمور التي رآها قبلًا (ربما يعني أنه مع كل نمو جديد في الروحيات يدرك النهاية بمنظار أعمق وأكثر جلاءً). يقول: "ليس لأني قد نلت أو صرت كاملًا، لكن أيها الأخوة أنا لست أحسب نفسي إني قد أدركت" (راجع في 3: 12-13). القديس أغسطينوس لنعرف حقيقة نهاية حياتنا حتى نتهيأ ببداية متجددة كل يوم، إذ نصلي مع كل صباح: "لنبدأ بدأ حسنًا". إدراكنا سرعة مجيء نهاية زماننا الأرضي، وأيضًا تعرّفنا على النهاية السعيدة التي فيها تتحقق كل وعود الله لنا بالأمجاد يدفعنا إلى البدايات المتجددة الملتهبة بالروح غير المستسلمة باليأس للآلام والضيقات. * ربما كانت المعرفة التي يُصلي لأجلها المرتل، قائلًا: "عرفني عدد أيامي كم هي؟" ضرورية جدًا، مع هذا فإنني أود أن تُستعلن لي أيضًا بدايتي. القديس جيروم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 119 | سلم الرب البشرية ناموسه |
مزمور 100| دعوة البشرية للهتاف |
مزمور 90 | سرعة زوال البشر |
مزمور 66 | دعوة كل البشرية للتسبيح |
تعبير العذارى مقصود به النفس البشرية سواء كان رجلًا او امرأة |