رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما معني صمت الله؟ 1. هذا يعني أن الله لا يعود يصمت، وإنما يتكلم لأجل فرح عبده ولإرباك الأعداء الأشرار. إنها صلاة للاستماع، أي كي يستمع الله لنا ويستجيب! 2. كما تعني أيضًا أنه بصمت الله نفتقد كلمته، حياتنا، الذي خلق المسكونة كلها لأجلنا، وخلصنا بصليبه. فإن من لا يتمتع بالشركة مع السيد المسيح، كلمة الله، لا يقدر أن يسمع الآب ولا أن يتعرف على إرادته الإلهية؛ فيكون الله بالنسبة له صامتًا. مثل هذا مصيره جب الموت! ما أرهب صمت الله! 3. الله لا ينفصل قط عن كلمته، أما بالنسبة لغير المؤمن فيسوع ليس بكلمة الله... وكأنه بعدم إيمانه يحرم نفسه من الصوت الإلهي ويُحسب الله بالنسبة له صامتًا! 4. الله - في حبه - دائم الحديث مع الإنسان محبوبه؛ فالإنسان الروحي يسمع الصوت ويستجيب، أما الجسداني فيظنه صامتًا. لقد تحدث الله، فسمعه الطفل صموئيل، أما عالي معلمه، الكاهن المختبر فلم يستطيع أن يسمعه. المؤمن صاحب الأذنين المختونتين يسمع كلمة الله موجهة إليه شخصيًا طول النهار، أما الآخرون فيحسبون الله صامتًا لا يستجيب لصلاتهم ولا لتضرعاتهم. لقد سأل المرتل من أجل استجابة إلهية شخصية، إذ يقول: "لئلا تسكت عني، فأشابه الهابطين في الجب". إنه يعلم بأن الله لن يكون صامتًا، فكان خوفه يكمن من نفسه، لئلا يكون أصم فيبدو له كأن الله صامت. لقد اعتاد أن يصرخ من قلبه بكلمات لا يُنطق بها، مترقبًا صوت الله في قلبه كرسالة شخصية تمس حياته. 5. ويذكرنا صمت الله حيال مريض ما بما ورد في إنجيل (لوقا 7: 7): "قُلْ كلمة فيبرأ غلامي"، وفي (لو 5: 12): "يا سيد، إن أردت تقدر أن تُطهَّرني". لقد جاء كلمة الله ليحقق خلاصنا من الجحيم بأعماله الخلاصية التي تعلن عن الحب الإلهي حتى خلال الصمت. فنذكر العبد المتألم في إشعياء، كلمة الله الذي "لا يصيح ولا يرفع صوته" (إش 42: 2)؛ كما نذكر صمت ربنا يسوع المسيح أثناء آلامه أمام مجمع السنهدريم، وأمام بيلاطس، إذ كان ساكتًا لم يُجب بشيء! (مر 14: 61؛ 15: 5). 6. يرى القديس أغسطينوس في كلمات المرتل أنها كلمات السيد المسيح حينما سُمّر على الصليب، إذ ظن غير المؤمنين أن الله قد تركه وأنه ينحدر في الجب أبديًا. 7. إذ كان المرتل يصلي لأجل تقدمه الروحي وبنيان مملكة الله داخل نفسه، آمن بأنه ما لم ينل استجابة لصلاته يُحسب ميتًا، منحدرًا في أعماق الجحيم (الحفرة). لقد وثق في قوة الله القاهرة للموت. إنه لم يخفْ الموت في حدّ ذاته، لكنه خشى الموت قبل الأوان، أي أن يموت قبل تحقيق رسالته التي لأجلنا خُلق ودُعى من قبل الله. في اختصار عندما يبدو كأن الله قد سدَّ أذنيه عن أن يسمع لنا، أو صمت ولم يستجب لصلواتنا، يلزمنا ألا نكف عن المثابرة في الصلاة حتى ننعم بحقنا في الاستجابة، أي حق إصعادنا كما من الجحيم للتمتع بقوة الحياة المقامة. صمت الله هو موت لنا، وحديثه معنا هو متعة بالحياة الجديدة المقامة في كلمة الله القائم من الأموات! "استمع يا رب صوتي تضرعي إذ أبتهل إليك، وإذ أرفع يديّ إلى هيكل قدسك" [2]. المرتل الذي يبتهل إلى الله طالبًا منه أن يتحدث معه شخصيًا ولا يسكت عنه، يجد خلاصه في الله السكن وسط شعبه، لهذا يرفع يديه نحو هيكل الله المقدس. حقًا لم يكن الهيكل قد بُني بعد! لكنه كان يعني بهيكل قدسه التابوت وكرسي الرحمة كعرش الله حيث كان يسكن بين الكاروبين، ومن هناك اعتاد الله أن يخاطب شعبه. جاء في (خر 25: 22): "وأنا أجتمع بك هناك، وأتكلم معك من على الغطاء، من بين الكاروبين اللذين على تابوت الشهادة". يشير كرسي الرحمة إلى السيد المسيح، كلمة الله، الذي يعلن عن الآب، والكفارة (يو 1: 1؛ 14: 9؛ رو 3: 25؛ 1 يو 2: 2). الآن كما في الصلاة هكذا بالإيمان نتطلع إلى السيد المسيح ، هكذا كان أتقياء العهد القديم يتطلعون بعيونهم الطبيعية نحو كرسي الرحمة. رفع الأيدي إيماءةً قديمة عامة في الصلاة والتضرع والتوسل (مز 44: 20؛ 63: 4؛ 88: 9 ،141: 2؛ 143: 6)، تشير إلى الرغبة في التمتع بالبركات السماوية، والكشف عن الشعور بالعوز إلى السمويات حيث لا تستطيع الزمنيات أن تملأها. كما يرمز بسط الأيدي ورفعهما إلى الإيمان بالسيد المسيح المصلوب ومشاركته صليبه واهب الغلبة، فما كان ممكنًا للشعب قديمًا أن يغلب عماليق دون رفع يّديْ موسى النبي. وقد اعتاد الفنان القبطي أن يصور القديسين باسطين أيديهم ليعلن أن سرّ نصرتهم وقداستهم هو التصاقهم بالمصلوب كرجال صلاة حقيقيين. ما ورد في الآية [2] إنما هي كلمات السيد المسيح المدفون، إذ ظنه اليهود أنه قد انحدر إلى الهاوية أبديًا مع فاعلي الشر؛ لكنه بالحقيقة نزل إلى الجحيم ليُصعِد الذين ماتوا على الرجاء مترقبين عمله الخلاصي. يقيم العلامة أوريجانوس مقارنة بين إرميا النبي الذي أُلقى في جب ملكي في دار السجن، حيث غاص في الوحل (إر 38: 6)، والقديس بطرس الذي صعد إلى السطح، وهناك نظر رؤيا إلهية. يقول العلامة أوريجانوس: [إن واجبنا كمؤمنين روحيين أن نصعد مع كلمة الله بالروح القدس لننال معرفة حقة ورؤى إلهية، ولا ندع كلمة الله أن تُلقى في الجب خلال أفكارنا الجسدانية وشهواتنا الشريرة. لقد أخذ عبد ملك ثلاثين رجلًا معه ورفعوا إرميا من الجب، بالقاء ثياب بالية إليه ليضعها تحت إبطيْه تحت الحبال (إر 38: 12). من هو عبد الملك هذا إلا ربنا يسوع المسيح الذي صار عبدًا ليرفع أفكارنا وطبيعتنا من عمق الهاوية خلال الكنيسة (30 رجلًا) باتضاعه (الثياب البالية)؟! يليق بنا أن نقبل فقر ربنا يسوع المسيح لكي نُرفع إلى فوق ونرتدي الثياب السماوية الملوكية أبديًا. هكذا نجلس عن يمين الملك السماوي الذي نزل إلى الحفرة كي لا ننزل نحن إليها]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|