رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رعيتي العدد: زمن الصليب في حياتنا «حيث أكون أنا يكون خادمي» (يوحنّا ١٢: ٢٦) وعد أطلقه يسوع وخصّ به تلاميذه الذين تعلّموا أن ينكروا أنفسهم ويحملوا صليبه ويتبعوه حتّى المنتهى. هذا وأردف يسوع أنّ هذه المسيرة ممكنة لكونه وعد تلاميذه بأن يرسل لهم الروح القدس كيما يعلّمهم كلّ ما أوصاهم به (يوحنّا ١٤: ٢٦). نعم، بالروح القدس يصير كلّ شيء مفهومًا في عيش إيماننا، فهو يجمع أعضاء جسد المسيح، أهل السماء وأهل الأرض، وهو أيضًا يفسّر لنا الكتاب المقدّس ويهدي نفوس الذين يلتمسون الربّ ويحبّونه. هو يقود النفس المؤمنة في رحاب الاتّكال على الله اتّكالًا لا زغل فيه. دون هذا المنحى في عيش الإيمان تجارب لا بدّ لنا من مواجهتها: أوّلًا، المكتسبات. هذا يعني ما أنجزناه أو نعتبره إنجازًا في أعيننا، أو ما يراه سوانا من جهتنا. إنّها تجربة أن تعرف شمالنا ما صنعت يميننا (متّى ٦: ٣)، أو قلْ تجربة أن ننظر إلى الوراء، إلى الماضي، لعلّنا ننبش ما نعزّز به رصيدنا ونرتاح إليه ونعيش منه. ثانيًا، الضمانات. هذا يعني أن نؤمّن لحياتنا ديمومة ما، كالصحّة أو الجاه أو المجد أو السلطة. أَلم يتجرّب يعقوب ويوحنّا بأن يكونا عن يمين يسوع ويساره في مجده حينما آثرا أن يضمنا لنفسَيهما موقعًا متقدّمًا بين تلاميذه (مرقس ١٠: ٣٧)؟ إنّها تجربة تعني نستشرف مستقبلنا ونضمن فيه استحقاقنا منه من وجهة نظرنا. ثالثًا، رؤية الثمار . وهذا يعني طلبنا أن نتلمّس نتيجة أتعابنا في خدمتنا وفي ممارسة الفضيلة. لربّما الداعي هو الحاجة إلى رؤية تقدّم فيها، أو طلبًا للافتخار ، أو وجود صغر نفس يبحث عن تشجيع للمضيّ قدمًا. إنّها تجربة زماننا الراهن أن نلمس بأيدينا ما يصنعه الله فينا. هذه الأوجه الثلاثة لا تعترض فقط زمن حياتنا الروحيّة في الماضي والحاضر والمستقبل، بل تعترض بشكل أولى اتّكالنا على الله واستسلام النفس في مسار خدمتنا وشهادتنا لإيمانها. إنّها أوجه تتّشح بالإيجاب، ولكنّها تخفي في طيّاتها إنسانًا لا يعيش إيمانه بفرح وراحة وسلام في الربّ، لأنّه يمعن النّظر بما يمكن أن يحصل عليه من هذا الإيمان لنفسه، فتفقد عطيّته لنفسه مصداقيّتها ونقاوتها. إنّ الانتصار على هذه التجارب الثلاث حريّ بأن يطبع الخدمة بطابع الفرح في المسيح وعيش الإيمان بسلام، الأمر الذي يجعل من حمل الصليب وخدمة الإنجيل صليبًا نيره خفيف وحمله هيّن (متّى ١١: ٣٠). فاليقين الذي يعتمل قلب تلميذ المسيح هو ما يعطيه الشجاعة والثقة والأمان للمضيّ قدمًا ، دونما الحاجة إلى معاينة مكتسبات من الماضي أو طلب الضمانات من المستقبل أو تلمّس الثمار في الحاضر. بهذا يكون أصيلًا في في نكران ذاته وحمله الصليب واتّباعه المسيح. هذا الاستعداد يجعل صاحبه أكثر بذلًا لنفسه، وأكثر اتّضاعًا أمام أترابه ، وأكثر حملًا للمسؤوليّة، أي دعوة المسيح لاتّباعه. تلميذ كهذا لا ينسب الفضيلة إلى نفسه بل إلى الله، ولا يطلب أجرًا فهو يفي دينًا عليه، ولا يتطلّب إكرامًا أو تقديرًا أو احترامًا فهو غير مستحقّ . جلّ ما يدور في خلده قول السيّد: «متى فعلتم كلّ ما أُمرتم به فقولوا: إنّنا عبيد بطّالون لأنّنا إنّـما عَمِلْنا ما كان يجب علينا» (لوقا ١٧: ١٠). فالذي يحبّ يتّضع أمام الله وأمام القريب ويخدم سرّ الله وتدبيره بين الناس. يبذل نفسه من أجل الله وحقيقته، وأيضًا من أجل بشارة أترابه وخدمتهم، لا سيّما الذين يعيشون في غربة عن معرفة الله وخبرة محبّته والسير في نوره. يصحّ في حامل الصليب مثل الزارع الذي خرج ليزرع، جلّ همّه بأن يجعل الطريق والأرض المحجرة والأرض ذات الأشواك أرضًا ذات تربة صالحة لتنمو كلمة الله فيها. وفي أمثاله يتحقّق قول الربّ: «مَن يُهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلّصها» (مرقس ٨: ٣٥) . في هؤلاء نلمس المحبّة الإلهيّة المسكوبة في أوانٍ خزفيّة فينقلونها إلينا بموتهم اليوميّ حتّى نحيا. مثل هؤلاء هم مكتسباتنا وضمانتنا والثمار التي نشتهيها. هلّا شكرنا الربّ على الذين لم يستحوا بكلامه فعاشوا دعوته إيّاهم بملئها وصار مثالُـهم الحيّ نبراسًا لنا في سعينا لعيش تلمذتنا للإنجيل؟ ألا نقِّ يا ربّ ضميرنا من كلّ اعوجاج وغرور ووهن لننطلق إليك بجدّة الروح وتصير حياتنا زمنًا للصليب نحياه معك بموتنا عن ذواتنا، فنكون حيث تكون. + سلوان متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما |
01 - 10 - 2022, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زمن الصليب في حياتنا
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
05 - 10 - 2022, 09:22 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: زمن الصليب في حياتنا
ميرسى على مرورك الغالى |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصليب هو جزء من حياتنا اليومية |
الصليب وفاعليته فى حياتنا |
الصليب فى حياتنا |
الصليب المقدس في حياتنا |
الصليب في حياتنا |