رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ذبيحة الحب الالهى
هذه المائدة هـي عضـد نفوسنا .. رباط ذهننـا .. أساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنـا . عنـدمـا تـرى المائدة معدة قدامك قل لنفسك : من أجـل جسـده لا أعـود أكـون تراباً ورماداً ، ولا أكون سجيناً بل حراً . من أجل هذا الجسـد أترجى السماء " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) مزمور لداود : " الرب راعـي فـلا يـعـوزني شيء . في مـراع خضر يربضني . إلى مياه الراحـة يوردني . يرد نفسي . يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه . أيضاً إذا سرت في وادي ظل المـوت لا أخاف شرا ، لأنك أنت معي . عصاك وعكارك هما يعزيانني . تُرتب قدامي مائدة تجاه مضايقي . مسحت بالدهن رأسي . كأسي ريا . إنّما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي ، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام " ( مز ٢٣ ) . اقرأ المزمور السابق مرة أُخرى ثم دعنا نتأمل فيه قليلاً .يقدم لنا هذا المزمور صورة عن الحياة المسيحية ..فالمراعي الخضـر هـي كلمة الله .. وماء الراحة هو المعمودية .. بينما يمثل وادي ظل المـوت الـدفن في المعمودية ، والدهن كذلك يمثل الميرون . أما المائدة فهي سر الإفخارستيا ، والكأس هو عصير الكرمة ، وبيت الرب هو الكنيسة . إنها ذبيحة الحب الإلهي والخطوة السادسة التي تضـيء طريقنا الروحي . دعنـا في البدايـة نـرسـي معـا مبـادئ هـامـة فيما يتعلق بـسـر الإفخارستيا ، والقداس الإلهي : سر التناول أو الإفخارستيا هو نعمة غير منظـورة مـن خـلال القداس الإلهـي الـذي يمثـل قمـة الصـلوات المسيحية ، فالقداس الإلهـي سـواء بصلوات الأب الكاهن أو مـردات الشعب غنـي بـالطقوس والقراءات الكتابية . الله هو صاحب كل النعم في حياتك وليس لك فضـل في شيء ، وفي سـر الإفخارستيا كأنك تأخـذ مـما أعطاك اللـه لتشكره بـه ، فتصير ذبيحـة الخبـز والخمـر ذبيحـة شـكر ، وبعـد التقديس تصير الذبيحـة جسد ودم المسيح بالحقيقة . المسيح هنـا هـو الكاهن والذبيحـة ... ففـي كـل مـرة تحضـر القـداس الإلهي كأنك في وقت الصليب تماماً والمسيح المصلوب هـو حاضـر فهل كل مرة تتقدم لهذا السر وأنت تشعر بحضور المسيح فيه ؟! القداس الإلهـي خـارج حيـز الـزمـن وكـأن المسيح يذكرنا : " خذوا كلوا . هذا هو جسدي " ( مت ٢٦ : ٢٦ ) ، وهـذا مـا يكــرره الأب الكاهن في القداس عن فم المسيح ، وبفاعلية عمل الروح القدس . يقول الآباء : " المسيحيون يقيمون سر الإفخارستيا ، وسـر الإفخارستيا يقيم المسيحيين " . أتتساءل الآن : لماذا لا أستفيد من القداس الإلهي ؟! دعنا نناقش سويا ما يمنعك من التمتع بالقداس الإلهي : الحضور المتأخر : كـل صـلوات القداس منـذ بدايتها ( عشية - باكر - تقدمة الحمل - قداس الموعوظين ـ قداس المـؤمنين ) إلى نهايتهـا وحـدة واحـدة وعـدم حضـور أي منهم يفقـدك جـوهرة ثمينـة مـن جـواهر فضلاً عن غياب التهيئة المناسبة للحضور بالاستعداد القداس الإلهي ، الذهني والروحي والجسدي . الحضـور الروتينـي : وفي ذلـك عـدم الاشتراك في المـردات والألحـان فالقداس الإلهي هو سيمفونية مقدسة مشتركة بين الكاهن والشماس والشعب . فضلاً عـن عـدم التركيز والتأمـل والانشغال بأمور الحياة ، ويتبقـى لنـا في هـذه النقطـة ... الانشغال بالإداريـات مثـل : جمـع العطاء ، البيع ، التنظيم ... التـي بـدورها تعـوق الإنسـان عـن التمتّع بالقداس الالهي . الحضور الشكلي : ولهذه النقطة محاور عدة مثل : عـدم التناول ، عـدم الاعتراف ، وكذلك الجلوس في المؤخرة ومحادثة الآخرين . كل ما سبق يمثل أساليب عدة يحـاول بهـا عـدو الخير أن يمنعـك عـن التمتع بالقداس الإلهي ، وبالتالي عن الشبع بالمسيح . أتود أن تسألني الآن : كيف أستفيد من القداس الإلهي ؟ في خطوات عملية سأوضح لك كيف يمكنك التمتع بالقداس الإلهـي ولكن في البداية ضع في قلبك أن القداس الإلهي هو رحلة شيقة للتمتع بالمعية الإلهية . ١- افهم سر الإفخارستيا ... كـن واعياً لعظمـة السـر وعمـل المسيح فيـه وكأنك تستحضر بداخلك ما صنعه الفادي المحب لأجلك . في طريقـك إلى الكنيسـة ردد : " فرحـت بالقائلين لـي : إلى بيـت الـرب تذهب " ( مز ۱۲۲ : ۱ ) ... امـلأ قلبـك وذهنـك بالاستعداد لمقابلـة ملـك الملوك ورب الأرباب . ۲- استعد بنفسك لكي مـا تشعر بعمـق هـذا السـر في حياتك ، فالاستعداد النفسي سيهيئ قلبك ليحل المسيح فيـه ... اقـرأ قراءات القداس الإلهـي الليلة السابقة ، وخذ قسطاً كافيـاً مـن النـوم ، كي تتجنب الإرهـاق الجسدي أثناء القداس الإلهي . ۳- شارك في القداس الإلهـي بكل كيانك ... اجلس في الصفوف الأمامية .احضـر مبكراً وقوفـك في القداس الإلهـي سيملأ قلبـك بالخشـوع وكأنك تمجد الله بتلك الصحة التي منحك إياها . ٤- اشترك في صلوات القداس الإلهي ... سبح الله بالمردات والألحان . 5- عش صلوات القداس الإلهي بفاعلية ... عش مع المسيح صلبه وقيامتـه في القداس الإلهي وانتظار الكنيسة لمجيئه الثاني . 6- ارفع قلبك بالصلوات سواء التي تمجد فيها الله على عظـم صـنيعه معنا ، أو التـي تطلـب فيهـا غـفـران خطايـاك ، أو تصلي لأجـل المتألمين والمرضى والذين رقدوا . استمتع بعشرة القديسين في المجمع المقدس ، ومـن خـلال الأيقونات ... أنظر إلى نهاية سيرتهم وتمثل بإيمانهم أتركك الآن مع باقة من أقوال الآباء عن القداس الإلهي : " إن اتحادنـا بالمسيح بتناولنـا مـن جسـده ودمـه ، أسـمـى مـن كـل اتحاد "( القديس أثناسيوس الرسولي ) .أعطانا ( الله ) جسده الحقيقي ودمه ، لكي تتلاشى قوة الفساد ، ويسكن في أنفسنا بالروح القدس ، ونصير شـركاء بالقداسة وأناساً روحيين " . ( القديس البابا كيرلس عمود الدين ) " إن المائـدة السـرية جسد المسيح تمـدنا بالقوة ضـد النـزوات وضـد الشياطين ، ذلك لأن الشيطان يخـاف مـن هـؤلاء الذين يشتركون في الأسـرار بوقار وتقوى " ( القديس البابا كيرلس عمود الدين ) " المسيحيون يقيمـون الإفخارستيا ، والإفخارستيا تقيم المسيحيين " . ( الشهيد فيلكس من القرن الثالث ) " نحن الكثيرين خبز واحد ، جسـد واحـد ؛ لأننـا جميعاً نشترك في الخبـز الواحد " ( القديس يوحنا الذهبي الفم ). " إن رئيس كهنتنا الأعظـم قـدم الذبيحـة التـي تطهرنـا ( على الصليب ) ، ومـن ذلـك الوقت إلى الآن تقدم نحن أيضـاً هـذه الذبيحة نفسـها . وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافدة ( لأنها غير محدودة ) هي نفسها ستتمم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلص : " وهذا اصنعوه لذكري " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) في النهاية أود أن أقدم لك تدريباً عملياً يقـودك لعمـق صـلوات القـداس الإلهي ، سأتركك عزيزي القارئ مـع إحـدى صـلوات القسمة التـي تقـال في القداس الإلهي ؛ لتتأملها ثم تدون تأملك ، وصلاة شخصية منها : أيها الابن الوحيد ، الإلـه الكلمـة الـذي أحبنا ، وحبـه أراد أن يخلصـنـا مـن الهلاك الأبدي . ولما كان الموت في طريق خلاصنا ، اشتهى أن يجوز فيه حباً بنا . وهكذا ارتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا ، نحـن الـذين أخطأنا ، وهو الذي تألم . نحن الذين صرنا مديونين للعدل الإلهي بذنوبنا ، وهـو الـذي دفع الديون عنا . لأجلنا فضل التألم على التنعم ، والشقاء على الراحة ، والهـوان على المجـد ، والصليب على العرش الذي يحمله الكاروبيم . قبل أن يربط بالحبال ، ليحلنا من رباطات خطايانا ، وتواضع ليرفعنا ، وجـاع ليشبعنا ، وعطش ليروينا ، وصعد إلى الصليب عرياناً ليكسونا بثـوب بـره ، وفتح جنبه بالحربة لكي ندخل إليه ونسكن في عرش نعمته ، ولكي يسيل الـدم مـن جسده لنغتسل من آثامنا ، وأخيراً مات ودفن في القبر ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية . فيا إلهي إن خطاياي هي الشوك الـذي يـوخز رأسـك المقدسة ، أنـا الـذي أحزنت قلبك بسروري بملاذ الدنيا الباطلة . ومـا هـذه الطريق المؤدية للمـوت التي أنت سائر فيها يا إلهـي ومخلصـي ، أي شيء تحمـل عـلى منكبيـك ؟ هـو صليب العار الذي حملته عوضاً عني . ما هذا أيها الفادي ؟ ما الذي جعلك ترضى بذلك ؟ أيهان العظيم ؟! أيـذل الممجد ؟! أيوضع المرتفع ؟! يا لعظم حبك !! نعم هو حبك العظيم الذي جعلـك تقبل احتمال كل ذلك العذاب من أجلي .أشكرك يا إلهي وتشكرك عني ملائكتك وخليقتـك جميعاً لأني عاجز عـن القيام بحمدك كما يستحق حبك ، فهل رأينـا حبـاً أعظـم مـن هـذا ؟! فـاحزني يا نفسي على خطاياك التي سببت لفاديك الحنون هذه الآلام . ارسمي جرحه أمامك ، واحتمـي فيـه عنـدما يهيج عليـك العـدو . أعطنـي يا مخلصـي أن أعتبر عذابك كنزي ، وإكليل الشوك مجـدي ، وأوجاعك تنعمي ، ومرارتك حلاوتي ، ودمك حياتي ، ومحبتك فخري وشكري . یا جراح المسيح ، اجرحيني بحربة الحب الإلهي . يا موت المسيح ، أسكرني بحب من مات من أجلي . يادم المسيح ، طهرني من كل خطية . يا يسوع حبيبي ، إذا رأيتني عضـوا يابساً ، رطبنـي بزيت نعمتـك وثبتنـي فيك غصناً حياً أيها الكرمة الحقيقية . وحينما أتقدم لتناول أسرارك ، اجعلني مستحقاً لذلك ومؤهلاً للاتحاد بك . لكي أناديك أيها الآب السماوي بنغمة البنين قائلاً : أبـانـا الذي . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|