أظن أنها تشبه السحاب الذي قيل عنه في موضع آخر: "حقك إلى السحاب" (مز 36: 5). أي حق الرب قيل عنه في الإنجيل: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6). حتى الله هو المسيح؛ يبلغ حتى إلى السحاب، أي إلى الرسل والأنبياء، هؤلاء الذين كانوا كالسحاب الذي أمَرَه ألاَّ يُمطر على إسرائيل (إش 5: 6). هذا يتفق مع ما ورد في سفر القضاة حيث جزَّة الغنم كانت جافة بينما كان المطر ينزل على بقية العالم. هذا يعني أن إسرائيل صار جافًا بينما كان المطر ينزل على العالم كله.
"السحاب والضباب حوله"، "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر" (إش 19: 1). لتعرف ماذا يعني هذا؟ الرب قادم، الرب المخلص قادم إلى مصر حيث نعيش، قادم إلى أرض الظلمة حيث فرعون، لكنه لا يأتي إلاَّ قادمًا على سحابة سريعة. ما هي هذه السحابة السريعة؟ أظنها القديسة مريم التي حملت الابن بغير زرع بشر. جاءت هذه السحابة السريعة إلى العالم وأحضرت معها خالق العالم. ماذا يقول إشعياء؟ "الرب قادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، الرب قادم فترتعب أوثان مصر جدًا ويرتطم بعضها ببعض وتتحطم. هذه هي السحابة التي حطمت معبد سيرابيس في الإسكندرية، إذ لم يحطمه قائد بل حطمته السحابة القادمة إلى الإسكندرية (الحاملة للمسيح)...
لقد عرفنا السحاب فلنبحث الآن عن الضباب.
الرب في الضباب، هو في النور وفي الضباب أيضًا. هو في النور بالنسبة للمبتدئين الذين يتحدث معهم بوضوح، لكنه بالنسبة للمتقدمين يحدثهم بطريقة سرائرية Mystically، فهو لا يتحدث مع الرسل كما مع الجماهير، إذ يتحدث مع الرسل بطريقة سرائرية. ماذا يقول؟ "مَنْ له أذنان للسمع فليسمع" (لو 8: 8). هذا هو معنى "وضباب حوله"، أي حوله أسرار. لهذا يقول في سفر الخروج إن كل الشعب كانوا واقفين أسفل وأما موسى وحده فصعد على جبل سيناء في ضباب سحابة ثقيل، لأن كل شعب الله غير قادر على التعرف على الأسرار، أما موسى فكان وحده يقدر أن يفهم. لهذا يقول الكتاب: "جعل الظلمة سترة حوله" (مز 18: 12).