أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: أَحِبُّوا أَعداءَكم وصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم
تشير عبارة "أَحِبُّوا أَعداءَكم" الى محبة الأعداء، وهي في قلب تعليم يسوع حيث كان يسوع أول شخص أحب أعداءه، وصلى من أجل الذين حكموا عليه وعذَّبوه "يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون" (لوقا 23: 34). فوصية المحبة نقضت جميع الحواجز كما جاء في تعليم بولس الرسول "فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع" (غلاطية 3: 28)؛ فالمحبة مطلوبة على مستوى الجميع دون اي تمييز، وهي محبة تحطّم الحواجز والحدود وتدعو الى نبذ ما يتشبَّث به الناس من مُبرِّرات للكراهية والبغضاء كما جاء في تعليم مثل السامري الصالح (لوقا 10: 25-37) والمحبة مطلوبة على المستوي الاجتماعي بدون مراعاة للأشخاص كما جاء في توصيات يعقوب الرسول "لا تَجمَعوا بَينَ مُراعاةِ الأَشخاصِ والإِيمانِ بِرَبِّنا يسوعَ المسيح، لَه المَجْد (يعقوب 2: 1)،
والمحبة مطلوبة أيضا على المستوي الشخصي كما يؤكد القديس بولس الرسول "لا يَكوَننَّ علَيكم لأَحَدٍ دَيْنٌ إلاَّ حُبُّ بَعضِكُم لِبَعْض، فمَن أَحَبَّ غَيرَه أَتَمَّ الشَّريعة (رومة 13: 8-10).
ومن ليست له محبة لكل إنسان حتى أعداءه فهو ميت روحيًا " نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا انتَقَلْنا مِنَ المَوت إِلى الحَياة لأَنَّنا نُحِبُّ إِخوَتَنا. مَن لا يُحِبُّ بَقِيَ رَهْنَ المَوت" (1يوحنا 3: 14)، حيث أننا لسنا غرباء أو أعداء بعد اليوم في نظر يسوع، لذلك يتوجب علينا ان نحبَّ الجميع وبدون استثناء وان نُزيل الحدود ونُهدم الجدران التي تفصلنا عن بعضنا البعض؛ وهذا الامر ليس في قدرة الإنسان العادي، بل بفضل المحبة التي هي هبة من الله يُعطيها الله لنا بالنعمة التي يُشير إليها بولس الرسول: أما تَعلَمونَ أَنَّكُم هَيكَلُ الله، وأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فيكم؟" (1 قورنتس 3، 16). وفي هذه المهمّة الصعبة المتمثّلة في أن نُحبّ الأعداء يُعزّينا وجود الروح القدس، روح المحبّة.
ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "جاء المسيح بهذا الهدف حتى يغرس هذه الأمور في أذهاننا ويجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا"