رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أولًا: سيرة القديس العظيم بولس الرسول مقدمة + إنه في لحظة خاطفة، وبالنعمة الإلهية العجيبة، سطعت رؤيا أمام شاول، تعلّم منها أن يسوع الناصري الذي أبغضه واحتقره واضطهده، وقد تجلى أمامه الآن في المجد، هو القدوس البار ابن الله الوحيد. إنه لم يره في شبه غيبوبة ولا في حلم غامض. بل رآه وجهًا لوجه في بهاء من النور وبتوكيد واقعي جعلاه لا يستطيع أن يرى غيره. لم يعد هناك شك إطلاقًا في أن الجليلي المهان ليس سوى رب المجد والحياة. وفي اللحظة استُعلن لشاول أنه سفير للقدوس؛ وأنه من هاتين الشفتين الإلهيتين سينال -من حين إلى حين- كل التوجيهات التي تمكنه من أن يؤدي بالتمام المسئوليات العظمى التي أُئتمن عليها. ومن عمق ضميره المعذب صدرت الصرخة: "ماذا تريد أن أعمل يا رب"؟ ولقد ظلت هذه الرؤيا عقيدة راسخة في داخله إلى آخر حياته: إنه المندوب المختار والرسول المعَّين من الرب، وفي الرؤى التي منحه إياها الرب انغرست رسولية شاول الطرسوسي. ولقد وجد في الصحراء العربية أماكن للعزلة يخلو فيها إلى نفسه، ويتمعن ماضيه ويتبادل الحوار الممتع مع ربه، وتجد مثلين لهذا اللقاء مع السيد المسيح: أولهما ورد في الأصحاح الحادي عشر من كورنثوس الثانية حيث قدَّم كشفًا تفصيليًّا لكونه رسولًا معتمد؛ وثانيهما أكثر روعة وأعمق أثرًا على مدى الأجيال، وهو تعليمه عن الكفارة وعن قيامة الرب (1كورنثوس1: 1-4). فهو في الطريق إلى دمشق عرف أن يسوع الناصري هو ابن الله، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وفي لقاءاته معه في الصحراء تعلَّم أنه حمل الله الذي يحمل خطايا العالم. وفي ختام استعراضه للتدبير الإلهي لتحقيق الفداء وإعادة الإنسان إلى كيانه الأصيل يضيف استعلانًا آخر: هو سرُ ما كان ليمكن اكتشافه على ضوء الطبيعة ولا بنور العقل الإنساني؛ سر أسرَّ به الفادي الحبيب في قلب رسوله المختار فأورده في رسالته إلى الكورنثيين (1كورنثوس15: 51-57) فهو قد رأى المخلص المتجلي، وحتمية البقاء معه إلى الأبد في الدهر الآتي هوّنت كل آلامه الحاضرة. وروح الإنسان الجديد فيه ذو طبيعة متواصلة مع الروح الإلهي الذي به وبفاعليته تتفتح للذهن المتجدد تعاليم عن الحقائق الإلهية تمكنه من أن يتفّهم وأن يتكلم بيقين عن هذه التعاليم. ولئن ملأته فخامة الرؤى أحيانًا بنشوة من الفرح فإنه كثيرًا ما خشع في تواضع لوعيه بعدم استحقاقه. ولم تكن هناك من ضيقات مهما بلغت قسوتها لتخفف من غيرته المشتعلة ومهما بلغ به التعب لا يتوانى لحظة في جهاده: فرفع الشعلة عاليًا إلى آخر نسمة من حياته. + ولو أننا قارنا بين شاول الذي استفزّ الجمهور الصاخب على قتل استفانوس وبين بولس وهو يشفع في أنسيمس لهتفنا تلقائيًا: حقًا ما أطول المشوار الذي ساره مع ربه الحبيب يسوع المسيح.
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|