البابا شنودة الثالث
عفة القلب وعفة الفكر
هذه العفة الداخلية، يبنى عليها كل تعفف من الخارج. وفي هذا قال الكتاب "فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة" (أم 4: 23).
عفة القلب هي عفة المشاعر والعواطف والأحاسيس، وعفة المقاصد والنيات والرغبات..
ومن عِفة القلب تصدر عفة الفكر، وعفة اللسان، كما تصدر أيضًا عفة الحواس. فكلها خارجة من مصدر واحد. لذلك إن وجدت فكرك قد بدأ يسير في مجرى غير عفيف، أسرع وقاومه، وأوقفه قبل أن يتطور إلى أجهزتك الآخرى. وهكذا يعبر الفكر عن ذاته، عن طريق اللسان أو الحواس أو العمل.
عفة الفكر والقلب تتعلق أيضًا بعفة العقل الباطن.
فالعقل الباطن يعمل عن طريق المخزون فيه من أفكار، ومن رغبات وصور ومشاعر.. فإن كان المخزون في العقل الباطن غير عفيف، حينئذ يظهر ذلك في أحلام غير عفيفة، وفي ظنون وأفكار من نفس النوع. مثلمًا قيل في سفر التكوين عن الشجر الذي ينتج بذرًا كجنسه (تك 1: 11، 12). فليحرص كل إنسان إذن على عفة قلبه وفكره، بما يدخل فيهما من روحيات، ومن محبة للخير وللعفة، حتى يصبحان مصدرًا لكل من عفة اللسان، وعفة الحواس وعفة الجسد