لآخر
” إن كان اللحم يعثر أخي فلن آكل اللحم إلى الأبد ، لئلا أعثر أخي ”
(1 كو 8 : 13 )
الآخر ( الأخ ) هو كل إنسان في هذه الأرض و ليس الصديق أو القريب فقط ، لذلك علينا أن نعرف تماماً بأن الآخر هو كل إنسان على الأرض ، و الآخر هو مصدر السعادة في الحياة الاجتماعية وفق الفكرة المسيحية ، فالقديس سيرافيم ساروفسكي كان ينادي الآخر ” يا فرحي ” فكأنه يقول أن الآخر هو مصدر فرحه في حين أرادت الفلسفة أن تقول أن الآخر هو جحيمي أي هو مصدر الحزن و الكآبة مما يدعو الإنسان لكي يتوجه إلى العزلة التي هي الجحيم وفق الفكر المسيحي .
فإذاً العلاقة التي تقوم بيني و بين الآخر هي علاقة المحبة ( و هي نفس العلاقة التي تربط بين الأقانيم الثلاثة : أنا ـ أنت ـ وهي : أي الحب الكامل ) و هي تربط الناس فيما بينهم ، و هذه العلاقة تتطلب التضحية و هي ناتجة عن المحبة فالتضحية هي التقدمة الحقيقية للآخر ، يقول القديس مكسيموس المعترف بذلك : ” من يحب الله يحب أخاه بالتأكيد ، و لا يكون قادراً على أن يحتفظ بشيء لذاته ” أي العطاء الكامل و البذل الكامل ( التضحية ) أي العطاء المادي و المعنوي ، فكل إنسان بحاجة إلى مساعدة معينة و علينا نحن كمسيحين أن تقدم هذه المساعدة بالتقدمة الكاملة دون أن يكون ذلك ببخل أو شح ، و لقد قال القديس يوحنا الذهبي الفم : ” الله لن يحاسب الناس على الشرور التي فعلوها ، و إنما على الخير الذي لم يفعلوه ” .
و لكن نحن في مجتمع نواجه فيه الكثير من الناس ( أصدقاء ، أهل ، و غرباء ) دون أن نضع أسس للتعامل معهم ، فالصديق الحقيقي لا يطلب منا أن نقدم له شيء لكن الواجب يقول لنا أن المحبة هي بذل و عطاء و رأفة و هذا ما يجب أن يربط بين الأصدقاء ، أما الأهل فهنا تحدث المشكلات بسبب تباعد الأجيال فعلى الأهل أن يفهموا أبنائهم و أن يقدموا لهم النصح و المشورة بهدوء و صبر ومحبة و كذلك على الأبناء أن يحترموا والديهم و أن يسمعوا كلمتهم مدركين أن خبرة أهلهم في الحياة هي أكبر من خبرتهم الذاتية و مع ذلك يجب أن يأخذ الأولاد الاستقلالية لكي يكونوا شخصيتهم المثالية و الكاملة و ألا تحدث معهم مشاكل اجتماعية لاحقة ، و لكن ماذا عن الغرباء هنا علينا أن نكون حذرين فالمسيحية تطلب منا المحبة و العطاء مع الجميع لكنها في الوقت نفسه تطلب منا الحكمة لكي لا نتعرض إلى الأخطار مِن مَن هم أشرار في حياتهم أو خبثاء .
أخيراً نقول أن سر الحياة المسيحية هي الآخر فمن يحب الآخر يحب الله و من لا يحب الآخر فإنه لا يقدر أن يحب الله ، لذلك علينا أن نكون بعلاقة محبة و تقديم و بذل و تضحية كي نكون مسيحيين بالحقيقة و ليس بالقول . آمين