رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في غآبةٍ بعيدةٍ كان هنالك أسدٌ قويٌ وشجاع يحكم تلك الغآبة بالعدل والحكمة، وكانت تلك الغآبة بعيدةً جداً عن العيون، إلّا أنّها كانت تقربُ من إحدى طُرق البشر، وكان للأسد بعض الأصدقاء وهم – ذئبٌ وغرابٌ وابنُ آوى – وحدث شيءٌ غريب. ففي أحد الأيام مرّ مجموعةٌ من الرعاة بجوار تلك الغآبة، وكان بحوذتهم الكثير من الجمال. وولكن للأسف، ضلّ أحدُ تلك الجمال الطريق وتأخر عن القطيع، ولم يجد أمامهُ سوى تلك الغآبة يدخلها ليحتمي بداخلها من اشرار الطريق، ودون سابق انذار، وجد الجملُ نفسهُ واقفاً أمام الأسد ملك تلك الغآبة، فقال له الأسد : “من أي أرضٍ أنت أيها الجملُ الغريب ؟!”.. فردّ الجملُ على الفور قائلاً : “أنا من أرضٍ بعيدةٍ عن هنا ياسيدي ! ولكنّني ضللتُ الطريق، وتخلّفتُ عن القطيع، ولم أجد نفسي إلّا أمام جلالتك أيها الملك العظيم”. فردّ الأسدُ عليه وهو يقول : “ماذا تُريدُ أيُها الجمل ؟” فأجابهُ الجمل على الفور والخوف يملأُ عيونه : “ما أريدهُ هو ما تريدهُ أنت أن أفعلهُ ايُها الملك”.. فأجابهُ الأسد : “ما رأيُك أن تُقيم معنا في هذه الغآبة، في أمنٍ وأمان، وسأوفّر لك حياة كريمة لا تشوبُها تلك المنغّصات التي تواجهك مع القطيع”. أصاب الجملُ السرور والفرح من كلام الأسد، ووافق على الفور علىى الإقامة في الغآبة، و عاشا معاً زمناً طويلاً، وأصبح الجملُ أعزّ أصدقاء الأسد وفضّلهُ عن باقي حيوانات الغآبة، ولكن ذات يوم.. وبينما كان الأسدُ يصطادُ لعشاءه أحد الأفيال الضخمة والكبيرة، وبعد معركةٍ داميةٍ وقتالٍ شديدٍ، هرب الفيلُ الضخم وخلّف وراءهُ الأسد بجراحٍ كثيرةٍ والدّم ينزفُ من جميع أنحاء جسده، بسبب أنياب الفيل القوية والحادّة. وما أن وصل الأسدُ المُصابُ إلى عرينه، حتّى وقع أرضاً من هول ما أصابهُ لا يستطيعُ الحراك، ومن ذلك اليوم، والأسد في عرينه لا يستطيعُ الصيد وإحضار الطعام لأصدقائهِ الثلاثة – الذئب والغراب وابن آوى – والذين كانوا يعتمدون تماماً عليه في رزقهم.. فأصابهمُ الجوعُ الشديد والوهن لأنّهم كانوا يقتاتون على فُتاتِ ما يتركُهُ الأسدُ وراءهُ من الفريسة، وحينما علم الأسدُ ما حلّ بهم، حتّى أرسلهم بمن يُخبرهم بأنّه يجبُ عليهم الأنتشارَ في الأرض ومُحاولة اصطيادِ حيوانٍ سمين، حتّى يأكلوا منهُ وتمتلأ بطونهم، ليحن أن يُشفى الأسدُ من جراحه ويعود ليصطاد بنفسهِ من جديد.. وبالفعل، فلقد خرج الذئبُ وبصحبته الغرابُ وابنُ آوى إلى الغآبة ليصطادوا شيئاً، فوجدوا بعد فترةٍ من البحثِ جملاً يرعى ويأكل ناحيتهم، فقالوا بمكرٍ وخُبث : “شاهدوا ذلك الجمل الضخم الكبير هناك، يالهُ من مشهدٍ بديع ! تخيّلوا إن أكلناه.. سوف يملأُ بطوننا لأيامٍ عديدة !”. فردّ ابنُ آوى بخوفٍ شديد : “إن علم الأسدُ بذلك فسوف يقتُلُنا جميعاً، لأنّه تعهّد للجملِ أن يعيشَ حياةً آمنةٍ في كنفهِ وحمايته ! ولن يأكله مهما حدث، فلا تتعبوا أنفسكم بذلك !”. فصمتَ الغُرابُ قليلاً ثُمّ أردفَ قائلاً : “يُمكنُني أن أحلّ هذه المشكلة، دعوا أمر إقناع الأسد لي !” وبالفعل، انطلق الغرابُ مُتوجّهاً إلى عرينِ سيّده الأسد ملك الغآبةِ الجريح، وما أن دخل الغرابُ العرين حتّى وجّه الأسدُ إليه الكلام قائلاً : “هل جلبتهم ليَ الطعام ؟! فأنا جائعٌ جداً وجروحي بجاجةٍ لطعامٍ شهيٍ حتّى تشفى بسرعة !”. أجابهُ الغرابُ بإعياءٍ مُصطنَع قائلاً : “يا مولاي ! نحنُ جوعى نسيرُ ببطونٍ فارغة، فكيف لنا البحثُ عن الطعام ونحنُ لا نرى أمامنا، ولديّ فكرةً يا مولاي، عسى أن تنال رضاك” فردّ الأسد : “قل ما عندك بسرعة !” فردّ الغرابث علىى الفور : “ما رأيك يا زعيمنا بذلك الجمل الذي يأكل العُشب ليل نهار ولا يُفيدُنا بشىء، نعلمُ بأنّك قد أعطيتهُ الأمان على نفسه، ولكن ثق بأنّي سأجله هو من يُقدّم نفسهُ للطعام بنفسٍ راضية، فما رأيُ مولاي ؟” فوافقهُ الأسدُ على كلامه. وعاد على الفور الغرابُ إلى أصدقائه وقال لهم : “انتبهوا أرجوكم لما سأقولهُ لكم ! سنذهبُ جميعاً والجملُ معنا إلى الأسد، ونذكر ما أصابهُ من مرضٍ، وبعدها يعرضُ كُلٌ منّا نفسه على الأسد ليأكله، فيرفض الآخران هذا الكلام بشدة، ويقولان الضرر في أكله، حتّى يأتيَ دورُ الجمل، فنأكلهُ بعد أن يُقدّم نفسهُ للطعام”. وقد كان ماقيل، وذهبوا بالجمل إلى الأسدِ في عرينه وقال الغرابُ على الفور : “أنت بحاجةٍ إلى يسُدُّ جوعك يا ملكنا العظيم، لأنّك إن مت وهلكت من هذه الجراح، فلن نستطيع العيش بعدك لحظة، يُمكنُك أكلي أيُّها الملك بنفسٍ راضية”. فنظر الذئبُ وابنُ آوى إلى الغراب وهم يقولون : “للأسف أنت صغيرُ الحجم أيُها الغراب ولن تصلُح هكذا وجبةً لملكنا العظيم” وبعدها أكمل ابنُ آوى الكلام وهو يقول : “لكنّني أنا يامولاي أستطيعُ أن أكون لك وجبةً جيّدة تُقويك، فحجمي أكبرُ من الغراب” وردّ على الفور الذئبُ والغراب قائلين : “يابنَ آوى ! إن لك لحماً نتناً سيُمرضُ ملكنا أكثر ولن يشفيه أبدا”.. وهناك جاء دورُ الذئب في الكلامِ فقال : “إنّهُ أنا من سيكونُ للملك وجبةً تُعيدُ إليه قوّته، وانا أُوافق على ذلك بنفس راضيةٍ تماماً” فاعترض كلامهُ ابنُ آوى والغراب قائلين من جديد : “تراجع أيُها الذئب، فالأطباء يقولون بأن من أراد أن يقتُل نفسه فليأكل لحم ذئب، فلحمك يجلب الكثير من الأمراض والموت بعد ذلك”. وهنا نظر الجميعُ إلى الجمل، وظنّ المسكين بأنّه إن فعل مثلهم فسيلتمسوا له العذر كما فعلوا لأنفسهم، فقال : “سيدي الملك، لي يحمٌ لذيذ ورائحتي ذكية وأشفي بإذن ربي من الأمراض، فليأكُلني الملك بنفسٍ راضيةٍ” فقال الغرابُ وابنُ آوى : “صدقت أيُها الجمل في كلامك” وانقضَّ الأربعةُ عليه فقتلوه وأكلوه. ”ما نتعلمه من قصة الأسد والجمل الغريب” ”علينا أن نتعلم متّى نتحدّث ياصغاري ومتى نصمت تماماً عن الكلام، فأحياناً يكونُ الصمت هو حبل النّجاة هو الوحيد أمامنا، ولا تجعل الآخرين يخدعوك بالكلام وانتبه لما تقول ولما تسمع كذلك |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خرشوف والحمل |
الصليب تقل والحمل زاد اوي |
قتل الأسد أباه..أكلنى الأسد 3 مرات ومازلت حيا |
صورة الأسد اللايقر liger النادر هو نتاج عن علاقة بين ذكر الأسد وأنثى النمر |
الطالب والجمل |