كَيفَ يُمكِنُكَ أَن تَقولَ لأَخيكَ: يا أَخي، دَعْني أُخرِجُ القَذى الَّذي في عَينِكَ،
وأَنتَ لا تَرى الخَشَبَةَ الَّتي في عَينِكَ؟ أّيُّها المُرائي،
أَخرِجِ الخَشَبَةَ مِن عَينِكَ أَوَّلاً، وعِندَئذٍ تُبصِرُ فتُخرِجُ القَذى الَّذي في عَينِ أَخيك.
"دَعْني" فتشير إلى ظاهر هذا الكلام الصداقة وباطنه الانتقاد كما يدل على ذلك سياق الكلام.
أمَّا عبارة "المُرائي" في الأصل اليوناني ὑποκριτά (معناها مُمثِّل، والممثل له لغتان وشخصيّتان، مزدوج) فتشير في الكتاب المقدس إلى الإنسان الذي يُخفي شخصيته الحقيقة وراء مظاهر خادعة.
إذ يظهر نفسه بصورة غير التي هو عليها،ويتظاهر بتقوى ليست لديه لذلك لا يحكم على الآخرين بغرض حمايتهم بل بسبب إرادة شريرة عنده. واستعمل هنا لمن يدّعي أنه بارٌ وقاض عادل يوبِّخ على كل خطيئة يراها في غيره وهو يرتكب أفظع منها. يجدر بالإنسان المُنصِف والخَيِّر وحده توبيخ أخيه على عيوبه.
أمَّا فعل الأشرار ذلك، فيكونوا قد تعدّوا على دور غيرهم؛ حالهم حال الممثِّل الذي يُخفي هوّيته وراء قناع. انه المرائي الذي لا يوجد لديه تطابق بين أعماله وأفكاره (متى 6: 2)، وتناقض بين السلوك الظاهر والفكر الباطني.
وإنه يتمسّك بالشكلياّت مُرتدياً زي السلوك الديني حتى يجذب الانتباه إليه، ويكتسب قبول الآخرين وإعجابهم.
كما جاء في تعنيف يسوع للكتبة والفريسيين "أَنتُم، تَبدونَ في ظاهِرِكُم لِلنَّاسِ أَبراراً، وأَمَّا باطِنُكُم فَمُمتَلِئٌ رِياءً وإِثماً" (متى 23: 28).