رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قسطنطين الأول لم تلبث المسيحية أن أحرزت نصرًا مبينًا لاعتراف الإمبراطور قسطنطين الأول [323-337 م.] بها دينًا مسموحًا به ضمن الديانات الأخرى في الدولة الرومانية وذلك في عهد الإمبراطور قيودسيوس الأول [379- 395 م.] الذي أصدر مرسومًا بذلك في سنة 380 م. ولم يلبث أن حرم العبادات الوثنية في مرسومين أحدهم سنتي 392 و394 م. على أن مصر المسيحية لم تنعم بهذا النصر الذي أحرزه الدين المسيحي إذ ثار النزاع والجدل في أيام قسطنطين ومن أتى بعده من الأباطرة في هذه المنازعات الدينية البحتة وعقدوا من أجل ذلك المجامع الدينية. إلا أن اغلب الأباطرة اتخذوا سياسية دينية مناوئة لمعتقدات المسيحيين في مصر فاحتدم النزاع بين الفريقين، وبلغ ذلك النزاع الديني بين كنيستي الإسكندرية والقسطنطينية أقصاه منذ حوالي منتصف القرن الخامس الميلادي حينما اختلف الكنيستان حوالي طبيعة السيد المسيح. فذهبت الكنيسة المصرية إلى القول بأن للسيد المسيح طبيعة واحدة Mansphysite أما كنيسة القسطنطينية فقالت بأن السيد المسيح له طبيعتان. وقد دعا الإمبراطور مرقيان [450-457 م.] MARCIAN من أجل ذلك إلى مجمع ديني في خلقيدونية بآسيا الصغرى سنة (451 م.) فأقر ذلك المجمع مذهب الطبيعيتين وقرر أن مذهب الطبيعة الواحدة كُفْر وخروج عن الدين الصحيح، كما قرار حِرمان ديسقوروس بطريرك الإسكندرية من الكنيسة. إلا أن المسألة لم تكن مسألة دينية فحسب؛ إذ اتخذ الخلاف الديني في مصر شكلًا قوميًا. فلم يقبل ديسقوروسDIASCARUS ولا مسيحيو مصر ما أقره مجمع خلقيدونية، وأطلقوا على أنفسهم "الأرثوذكسيين" (أي أتباع الديانة الصحيحة التقليدية) ولا زالوا يعرفون بذلك الاسم إلى اليوم، أما اتباع الكنيسة البيزنطية فقد عُرِفُوا بعد الفتح العربي باسم الملكانيين لاتباعهم مذهب الإمبراطور. ومنذ ذلك العهد تعرف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتعرف أحيانًا بالكنيسة اليعقوبية (أو اليعاقبة)، نسبة إلى يعقوب البرادعي JACAB BARADAUD أسقف مدينة الرها المونوفيزيتى في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي ولكن يصعب أن نجد اسمه في الحوليات المصرية، لأن الأقباط لم يقبلوا تدخل السوريين في شؤونهم الكنيسة مثلما تدخلت كنيسة القسطنطينية من قبل. وقد فرح المصريون بثورة هرقل ضد الإمبراطور فوقاس [602-610] وساعدوا قائدة نقتاس NICATAS الذي وكل إليه الاستيلاء على مصر لقطع الغلة عن القسطنطينية وفرح الشعب المصري أيضًا عندما تم تتويج هرقل إمبراطور في سنة 610 م. ورحبوا بقدوم جنوده....... وما لبث الفرس أن غزوا مصر 616 م. في عهد ملكهم كسرى الثاني وبقوا سادة البلاد إلى أن اضطروا للجلاء عنها عندما حارب هرقل الفرس بنفسه سنة 629 م. على أن هرقل بعد أن أنقذ الدول من الفرس رأى أن ينقذها من الخلاف الديني، فأصدر صورة توفيقMONO THALMA تقضى بأن يمتنع الناس عن الكلام في طبيعة السيد المسيح وصفته، وأن يعترفوا جميعًا لأن له إرادة واحدة. ولم يفطن هرقل إلى أن مذهبه الذي حاول به التوفيق قد يأباه أهل مصر كما أنه وقع فيما وقع فيه جستنيان [527-565 م.] من إسناد الرئاسة الدينية والسياسية لشخص واحد وهو فيرس الذي يعرف عند مؤرخي العرب باسم المقوقس..... وقد قاسى الأقباط جميع أنواع الشدائد من جراء اضطهاد فيرس الذي فاق كل اضطهاد، حتى تحول كثير ممن لم يستطيعوا الهرب إلى المذهب الجديد ومنهم بعض الأساقفة، وصمد كثيرون ضده ومن بينهم الأب مينا أخ البطريرك بنيامين رغم التعذيب والاضطهاد الذي ناله من جراء ذلك. بعد أن أزال العرب تقريبًا ملك الأكاسرة في فارس عقب انتصارهم في موقعة القادسية واستيلائهم على عاصمتها "المدائن" وبعد استيلاء العرب على بلاد الشام وفلسطين كان لابد من التفكير في غزو مصر. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|