12 - 02 - 2022, 07:08 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
تقديم لوقا
يستعيد لوقا أربعَ تطويبات من الوثيقة الاولانيّة مع بعض التصليحات البسيطة، وُيتبعها بأربع ويلات تقابلها بالتفصيل. وهكذا نكون أمام تعارُض أدبيّ وتعليميّ.
كان النصّ الأولانيّ قد برز في شكل مفارَقة وتعارُض: أعلن أنّ الأشقياء هم سعداء، وزاد لوقا النقائضَ المعاكسة فأعلن شقاءَ سعداءِ هذا العالم. كرّر المفارقات عينَها ولكن بصورة سلبيّة. كان قريبًا من المُعطى الأصليّ، ثم أعطاه قوّةً ووضوحًا.
لا شكّ في أنّ ربطَ التوّيلات (قال: الويل) بالتطويبات والمطابقةَ التامّة في التعبير، يعودان إلى عمل الإِنجيليّ التدوينيّ. فهذه التهديدات العنيفة والمتكرّرة، وهذه الأحكام التي لا استئناف فيها ("الويل لكم... الويل لكم...") لا يمكن أن تنتمي إلى إعلان يدشّن الخبر الطيّب. كما لا يمكن أن تتوجّه إلى التلاميذ المذكورين في آ 20، ولا إلى الجموع المذكورة في آ 17 والمتشوّقة إلى سماع الكلمة. لقد أعلن يسوع فقط شقاءَ السامعين الذين رفضوا بعناد تعليمَ الخلاص الذي يقدّمه: شقاءَ سكّانِ مدن البحيرة، والكتبةِ والفريسيّين والمرائين. عاد لوقا إلى هذا السِياق المتأخّر فاستعاد مبدأ الحُرم والانقطاع عن الجماعة تجاه التطويبات وما تحمله من سعادة. ثم إن إعلان التوّيلات يتضمنّ خصائص لوقاويّةً على مستوى اللغة والأسلوب.
قد يكون مضمون التويّلات قد وُجد في التقليد السابق للوقا، ونحن نجد بعضَ نبراته في رسالة القديس يعقوب (9:4؛ 5: 1). ولكنّنا ننسب إلى لوقا زيادة "الويل، الويل " إلى التطويبات، وأسلوبَ التَوازي في التعبير عنها، ونحن نتعرّف إلى هذه الزيادة حين نتعرّف إلى انتقالة آ 27: عاد إلى المستفيدين الحقيقيّين من التطويبات، وإلى الذين توجّهت إليهم الخُطبةِ كلها، أي التلاميذ، فقال لهم: "أمّا أنتم أيّها السامعون، فإني أقول لكم: أحِبّوا أعداءكم ". إن الويلات تتوجّه إلى سامعين آخرين.
تبدأ التطويبات في الإِنجيل الثالث في صيغة المخاطَب. ولكن هذه الصيغة ليست الفنَّ الأدبيّ العاديّ للتطويبات بل للتويُّلات. أيكون لوقا قام ببعض التصليحات في نصّ التطويبات الأوّلاني، منطلِقًا من التوّيلات التي زادها؟ وهكذا توحّد النصّ وبرزت النقائض. تعدّت النبرة زمن يسوع واتّخذت شكلاً عنيفًا: الكلام يتوجّه مباشرة إلى السامعين (والقراء) وعليهم أن يتخذوا موقفًا.
الخوراسقف بولس الفغالي
|