فَأَخَذَ يَقولُ لَهم: اليوم تَمَّت هذه الآيةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم
تشير عبارة "اليوم" إلى "آنية" الخلاص التي مراراً ما لفت لوقا الإنجيلي الانتباه إليها (لوقا 2: 11 و3: 12و 5: 26و 13: 32 و19: 9 و23: 43)، وهو يوم الخلاص الحاضر بحضور يسوع كما أعلنه النبي (لوقا 2:11). ويعلق البابا فرنسيس "هذا "اليوم" الذي أعلنه يسوع في ذاك النهار، يصلح لأي زمن؛ ويذكّرنا بآنية وضرورة الخلاص الذي أتى به يسوع للبشرية. فالله يأتي لملاقاة رجال ونساء جميع الأزمنة والأماكن، في ظروف حياتهم الملموسة التي يعيشونها"(الأحد 31 /1/ 2016). أمَّا عبارة "تَمَّت هذه الآيةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم" فتشير إلى برنامج الربّ يسوع الذي لم يختاره هو بل قد أعدّه الآب له. إنّه قدوم عهد النعمة الذي أنبا به النبي أشعْيا "روحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَليَّ لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنى وأَرسَلَني لِأُبشِّرَ الفقراء وأَجبُرَ مُنكَسِري القُلوب وأُنادِيَ بِإِفْراجٍ عنَ المَسبِيِّين وبتَخلِيَةٍ لِلمَأسورين لِأُعلِنَ سَنَةَ رِضاً عِندَ الرّبّ" (أشعْيا 61: 1-2) قد تمّ اليوم به. تحققت آية أشعْيا النبي في يسوع أمام الناس وبدأت رسالته التي أعلنها على الناس وظهرت شخصيته التي كشف عنها للناس. إنها أول تبشير يسوع في مجمع النَّاصِرة، وفيه صارحهم أنه هو الذي تُشير إليه النبوَّة، لأنه هو الذي بشَّر بكلمة الخلاص للشعوب الوثنيَّة، وكانوا مساكين معدمين، لا إله لهم ولا شريعة ولا أنبياء. ويصف يسوع مجيئه بانه يوم عهد النعمة الذي أنبأ به النبي أشعْيا، وآية حياة وحرية وخلاص. ونادى يسوع بسَنة مقبولة، هي علامة مجيئه الأول، ورسالة خلاصه. وجعل يسوع من نص أشعْيا ينبوع تعليمه وعمله الخلاصي، وكل هذا بفعل الروح الذي حلّ عليه في العماد. وخلاصة العظة هي إظهار يسوع أنَّ غاية مجيئه تكميل نبوءة أشعيا (61: 1-2). ولا نستطيع أن نتصور مقدمة أفضل من هذه المُقدِّمة؛ أنه أتى لكي يكُمِّل مقاصد الله الوراد ذكرها في هذه النبوءة. ويُعلق القديس كيرلس الكبير على هذه الآية بقوله "نطق المسيح المتجسِّد بهذه الكلمات لأنه إله حق من إله حق، وتجسَّد بدون أن يتغيَّر أي تغيير، ومُسِح بدُهن الفرح والابتهاج، ونزل عليه الروح القدس على شكل حمامة. وإننا نعلم أن الملوك والكهنة مُسِحوا في الزمن القديم حتى تقدَّسوا بعض التقديس، أمَّا المسيح فتمّ دهنه بزيت التقديس الروحي، متسلِّمًا هذه المسْحة ليس من أجل نفسه، بل من أجلنا، لأنه سبق أن حُرم الناس من الروح القدس". لقد مضى على نص أشعْيا مئات السنين، واليوم بالذات يُناشدنا الرب ويستجوبنا ليختبر مدى استجابتنا لهذه الآيات. فقراءة الكتاب المقدس وسيلة أكيدة تُوحِّدنا بفكرة يسوع. فهل نحن نطبِّق كلمة الله في وقتنا الحاضر على حياتنا؟