لأَنَّ ابنَ الإِنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس.
"جَماعةَ النَّاس" في الأصل اليوناني ολλῶν (معناها كثير من الناس) فلا تشير إلى التخصص بل الشمول أي مجمل الشعب، بل البشرية كلها: بموت الواحد يتم فداء الجماعة (2 قورنتس 5: 13-14). فهناك مقابلة بين الواحد الذي هو الفادي يسوع والكثرين وهم المُفتَدون. لان ذلك الفادي ابن الله كان لموته قيمة لا تُحد فيقبلها الله بدل موت البشر إن أتوا إليه بالإيمان والتوبة. وقول الإنجيل جماعة الناس لا يمنع انه فدية الجميع وفقا لقول بولس الرسول " الَّذي جادَ بِنَفْسِه فِدًى لِجَميعِ النَّاس" (1 طيموتاوس 2: 6). لكن الفداء وان كان عن الجميع قبله كثيرون لا الجميع. ومن هذا المنطلق، لا تشير العبارة هنا إلى تحديد مجال عمل المسيح التكفيري، كأنه عن جماعة فقط بل للكل لفداء جماعة يحصلون على بركة بالذبيحة الواحدة لذلك الواحد كما وضَّح ذلك بولس الرسول "فكما أَنَّه بِمَعصِيَةِ إِنسانٍ واحِدٍ جُعِلَت جَماعةُ النَّاسِ خاطِئَة، فكَذلِكَ بِطاعةِ واحِدٍ تُجعَلُ جَماعةُ النَّاسِ بارَّة " (رومة 5: 19). وفي الواقع بذل يسوع دمه على الصليب محقَّقاً العهد الذي قُطعه قديما في جبل سيناء بدم الضحايا (خروج 24: 4-8)، وأخبر ضمنا بتحقيق العهد الجديد الذي تنبأ به الأنبياء (ارميا 31: 31-34)، وذلك ما لذبيحته من قيمة شاملة من اجل جماعة الناس (أشعيا 53: 12).